الثاني: أنه معطوف على ما تقدمه. وفي ذلك ثلاثة تأويلات أحدها: أن المراد بالسجود القدر المشترك بين الكل العقلاء وغيرهم وهو الخضوع والطواعية، وهو من باب الاشتراك المعنوي. والتأويل الثاني: أنه مشترك اشتراكا لفظيا، ويجوز استعمال المشترك في معنييه. والتأويل الثالث: أن السجود المسند للعقلاء حقيقة ولغيرهم مجاز. ويجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز. وهذه الأشياء فيها خلاف، لتقريره موضوع هو أليق به من هذا.
الثالث من الأوجه المتقدمة: أن يكون "كثير" مرفوعا بالابتداء. وخبره محذوف وهو "مثاب" لدلالة خبر مقابله عليه، وهو قوله: "وكثير حق عليه العذاب" كذا قدره وقدره الزمخشري. "مطيعون أو مثابون أو نحو ذلك". أبو البقاء:
[ ص: 246 ] الرابع: أن يرتفع "كثير" على الابتداء أيضا، ويكون خبره "من الناس" أي: من الناس الذين هم الناس على الحقيقة، وهم الصالحون والمتقون.
والخامس: أن يرتفع بالابتداء أيضا. ويبالغ في تكثير المحقوقين بالعذاب، فيعطف "كثير" على "كثير" ثم يخبر عنهم بـ "حق عليه العذاب" ذكر ذلك قال الشيخ: - بعد أن حكى عن الزمخشري. الوجهين الآخرين- قال: "وهذان التخريجان ضعيفان" ولم يبين وجه ضعفهما. الزمخشري
قلت: أما أولهما فلا شك في ضعفه; إذ لا فائدة طائلة في الإخبار بذلك. [642/ب] وأما الثاني فقد يظهر: وذلك أن التكرير يفيد التكثير، وهو قريب من قولهم: "عندي ألف وألف"، وقوله:
3376 - لو عد قبر وقبر كنت أكرمهم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقرأ "والدواب" مخفف الباء. قال الزهري "ووجهها: أنه حذف الباء الأولى كراهية التضعيف والجمع بين ساكنين". وقرأ أبو البقاء: جناح بن حبيش و "كبير" بالباء الموحدة. وقرئ "وكثير حقا" بالنصب. [ ص: 247 ] وناصبه محذوف وهو الخبر، تقديره: وكثير حق عليه العذاب حقا. "والعذاب" مرفوع بالفاعلية. وقرئ "حق" مبنيا للمفعول.
وقال "وكثير حق عليه العذاب" يحتمل أن يكون معطوفا على ما تقدم أي: وكثير حق عليه العذاب يسجد أي كراهية وعلى رغمه: إما بظله، وإما بخضوعه عند المكاره". قلت: فقوله: "معطوف على ما تقدم" يعني عطف الجمل لا أنه هو وحده عطف على ما قبله، بدليل أنه قدره مبتدأ. وخبره قوله: "يسجد". ابن عطية:
قوله: "ومن يهن الله" "من" مفعول مقدم، وهي شرطية. جوابها الفاء مع ما بعدها. والعامة على "مكرم" بكسر الراء اسم فاعل. وقرأ بفتحها، وهو اسم مصدر أي: فما له من إكرام. ابن أبي عبلة