آ. (23) قوله : يحلون : العامة على الياء وفتح اللام مشددة، من حلاه يحليه إذا ألبسه الحلي. وقرئ بسكون الحاء وفتح اللام مخففة، وهو بمعنى الأول، كأنهم عدوه تارة بالتضعيف وتارة بالهمزة. قال "من قولك: أحلى أي ألبس الحلي، وهو بمعنى المشدد". أبو البقاء:
وقرأ أبن عباس بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام مخففة. وفيها ثلاثة أوجه. أحدها: أنه من حليت المرأة تحلى فهي حال. وكذلك حلي الرجل فهو حال، إذا لبسا الحلي أو صارا دون حلي. الثاني: أنه من حلي بعيني كذا يحلى إذا استحسنته. و "من" مزيدة في قوله "من أساور" قال: "فيكون المعنى: يستحسنون فيها الأساور الملبوسة". ولما نقل الشيخ هذا الوجه عن أبي الفضل الرازي قال: "وهذا ليس بجيد لأنه جعل حلي فعلا [ ص: 252 ] متعديا، ولذلك حكم بزيادة "من" في الواجب. وليس مذهب البصريين. وينبغي على هذا التقدير أن لا يجوز; لأنه لا يحفظ بهذا المعنى إلا لازما، فإن كان بهذا المعنى كانت "من" للسبب أي: بلباس أساور الذهب يحلون بعين من رآهم، أي: يحلى بعضهم بعين بعض".
قلت: وهذا الذي نقله عن أبي الفضل قاله وجوز في مفعول الفعل وجها آخر فقال: "ويجوز أن يكون من حلي بعيني كذا إذا حسن، وتكون "من" زائدة أو يكون المفعول محذوفا، و أبو البقاء، "من أساور" نعت له". فقد حكم عليه بالتعدي ليس إلا، وجوز في المفعول الوجهين المذكورين.
الثالث: أنه من حلي بكذا إذا ظفر به، فيكون التقدير: يحلون بأساور. فـ "من" بمعنى الباء. ومن مجيء حلي بمعنى ظفر قولهم: لم يحل فلان بطائل أي: لم يظفر به. واعلم أن حلي بمعنى لبس الحلية، أو بمعنى ظفر من مادة الياء لأنهما من الحلية. وأما حلي بعيني كذا فإنه من مادة الواو لأنه من الحلاوة، وإنما قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.
قوله: "من أساور من ذهب" في "من" الأولى ثلاثة أوجه، أحدها: أنها زائدة، كما تقدم تقريره عن الرازي وإن لم يكن من أصول البصريين. والثاني: أنها للتبعيض أي: بعض أساور. والثالث: أنها لبيان الجنس، قاله وأبي البقاء. وبه بدأ. وفيه نظر إذ لم يتقدم شيء مبهم. وفي "من ذهب" لابتداء الغاية، هي نعت لأساور كما تقدم. ابن عطية،
وقرأ "من أسور" دون ألف ولا هاء، وهو محذوف من [ ص: 253 ] "أساور" كما [في] جندل والأصل جنادل، قال الشيخ: "وكان قياسه صرفه; لأنه نقص بناؤه فصار كجندل، لكنه قدر المحذوف موجودا فمنعه الصرف". قلت: فقد جعل أن التنوين في جندل المقصور من "جنادل" تنوين صرف. وقد نص بعض النحاة على أنه تنوين عوض كهو في جوار وغواش وبابهما. ابن عباس
قوله: "ولؤلؤا" قرأ نافع بالنصب. والباقون بالخفض. فأما النصب ففيه أربعة أوجه، أحدها: أنه منصوب بإضمار فعل تقديره: ويؤتون لؤلؤا. ولم يذكر وعاصم غيره [643/ب]، وكذا الزمخشري أبو الفتح حمله على إضمار فعل. الثاني: أنه منصوب نسقا على موضع "من أساور"، وهذا كتخريجهم "وأرجلكم" بالنصب عطفا على محل "برؤوسكم"، ولأن "يحلون فيها من أساور" في قوة: "يلبسون أساور" فحمل هذا عليه. والثالث: أنه عطف على "أساور"; لأن "من" مزيدة فيها كما تقدم تقريره. الرابع: أنه معطوف على ذلك المفعول المحذوف. التقدير: يحلون فيها الملبوس من أساور ولؤلؤا. فـ "لؤلؤا" عطف على الملبوس.
[ ص: 254 ] وأما الجر فعلى وجهين، أحدهما: عطفه على "أساور". والثاني: عطفه على "من ذهب" لأن السوار يتخذ من اللؤلؤ أيضا، ينظم بعضه إلى بعض. وقد منع العطف على "ذهب" قال: "لأن السوار لا يكون من لؤلؤ في العادة ويصح أن يكون حليا". أبو البقاء
واختلف الناس في رسم هذه اللفظة في الإمام: فنقل أنها في الإمام "لؤلؤ" بغير ألف بعد الواو، ونقل الأصمعي الجحدري أنها ثابتة في الإمام بعد الواو. وهذا الخلاف بعينه قراءة وتوجيها جار في حرف فاطر أيضا.
وقرأ في رواية أبو بكر المعلى بن منصور عنه "لؤلوا" بهمزة أولا وواو آخرا. وفي رواية يحيى عنه عكس ذلك.
وقرأ الفياض "ولوليا" بواو أولا وياء أخيرا، والأصل: لؤلؤا أبدل الهمزتين واوين، فبقي في آخر الاسم واو بعد ضمة. ففعل فيها ما فعل بـ أدل جمع دلو: بأن قلبت الواو ياء والضمة كسرة.
وقرأ "وليليا" بياءين، فعل ما فعل ابن عباس: الفياض، ثم أتبع الواو [ ص: 255 ] الأولى للثانية في القلب. وقرأ "ولول" بالجر عطفا على المجرور قبله. وقد تقدم، والأصل "ولولو" بواوين، ثم أعل إعلال أدل. طلحة
واللؤلؤ: قيل: كبار الجوهر وقيل صغاره.