قوله: "فتخطفه" قرأ بفتح الخاء والطاء مشددة. وأصلها تختطفه فأدغم. وباقي السبعة "فتخطفه" بسكون الخاء وتخفيف الطاء. وقرأ نافع الحسن والأعمش بكسر التاء والخاء والطاء مع التشديد. وروي عن وأبو رجاء [ ص: 271 ] أيضا فتح الطاء مشددة مع كسر التاء والخاء. وروي عن الحسن كقراءة العامة إلا أنه بغير فاء: "تخطفه". وتوجيه هذه القراءات قد تقدم مستوفى في أوائل البقرة عند ذكري القراءات في قوله تعالى: الأعمش "يكاد البرق يخطف" فلا أعيدها.
وقرأ "الرياح" جمعا. وقوله " أبو جعفر خر" في معنى يخر; ولذلك عطف عليه المستقبل وهو "فتخطفه"، ويجوز أن يكون على بابه، ولا يكون "فتخطفه" عطفا عليه، بل هو خبر مبتدأ مضمر أي: فهو يخطفه.
قال "ويجوز في هذا التشبيه أن يكون من المركب والمفرق. فإن كان تشبيها مركبا فكأنه قال: من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده [هلاك]: بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير، فتفرق مزعا في حواصلها، أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطاوح البعيدة. وإن كان مفرقا فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء، والذي ترك الإيمان وأشرك بالله، بالساقط من السماء، والأهواء التي تتوزع أفكاره بالطير المتخطفة، والشيطان الذي يطوح به في وادي الضلالة بالريح التي تهوي بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة". قلت: وهذه العبارة من الزمخشري: مما ينشطك إلى تعلم علم البيان فإنها في غاية [646/أ] البلاغة. أبي القاسم
والأوثان: جمع وثن. والوثن يطلق على ما صور من نحاس وحديد وخشب. ويطلق أيضا على الصليب. "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه [ ص: 272 ] قال وقد رأى في عنقه صليبا: ألق هذا الوثن عنك". لعدي بن حاتم وقال الأعشى:
3387 - يطوف العباد بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن
واشتقاقه من وثن الشيء أي: أقام بمكانه وثبت فهو واثن. وأنشد لرؤبة:
3388 - على أخلاء الصفاء الوثن ... ... ... ...
أي: المقيمين على العهد. وقد تقدم الفرق بين الوثن والصنم.
والسحيق: البعيد. ومنه سحقه الله أي: أبعده. وقوله عليه السلام: أي: بعدا بعدا. والنخلة السحوق: الممتدة في السماء، من ذلك. "فأقول سحقا سحقا"