قوله: "أن لعنة الله عليه" قرأ العامة بتشديد "أن" في الموضعين. وقرأ [ ص: 387 ] نافع بتخفيفها في الموضعين، إلا أنه يقرأ "غضب الله" بجعل "غضب" فعلا ماضيا، والجلالة فاعله. كذا نقل الشيخ عنه التخفيف في الأولى أيضا، ولم ينقله غيره. فعلى قراءته يكون اسم "أن" ضمير الشأن في الموضعين، و "لعنة الله" مبتدأ و "عليه" خبرها. والجملة خبر "أن". وفي الثانية يكون "غضب الله" جملة فعلية في محل خبر "أن" أيضا، ولكنه يقال: يلزمكم أحد أمرين، وهو إما عدم الفصل بين المخففة والفعل الواقع خبرا، وإما وقوع الطلب خبرا في هذا الباب وهو ممتنع. تقرير ذلك: أن خبر المخففة متى كان فعلا متصرفا [663/أ] غير مقرون بـ "قد" وجب الفصل بينهما. بما تقدم في سورة المائدة. فإن أجيب بأنه دعاء اعترض بأن الدعاء طلب، وقد نصوا على أن الجمل الطلبية لا تقع خبرا لـ "إن". حتى تأولوا قوله:
3434 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . إن الرياضة لا تنصبك للشيب
وقوله:
3435 - إن الذين قتلتم أمس سيدهم لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
على إضمار القول. ومثله "أن بورك من في النار". وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والسلمي وعيسى بتخفيف "أن و "غضب الله" بالرفع على الابتداء، والجار بعده خبره. والجملة خبر "أن".
[ ص: 388 ] وقال ابن عطية: "وأن الخفيفة على قراءة الرفع في قوله: "أن غضب" وقد وليها الفعل. قال أبو علي: "وأهل العربية يستقبحون أن يليها الفعل إلا بأن يفصل بينها وبينه بشيء نحو قوله "علم أن سيكون" "أفلا يرون ألا يرجع" فأما قوله: "وأن ليس للإنسان" فذلك لقلة تمكن "ليس" في الأفعال. وأما قوله: "أن بورك من في النار" فـ "بورك" في معنى الدعاء فلم يجئ دخول الفاصل لئلا يفسد المعنى". قلت: فظاهر هذا أن "غضب" ليس دعاء، بل هو خبر عن "غضب الله عليها" والظاهر أنه دعاء، كما أن "بورك" كذلك. وليس المعنى على الإخبار فيهما فاعتراض أبي علي ومتابعة أبي محمد له ليسا بمرضيين.


