قوله: "طاعة معروفة" في رفعها ثلاثة أوجه. أحدها: أنها خبر مبتدأ مضمر تقديره: أمرنا طاعة أو المطلوب طاعة. الثاني: أنها مبتدأ، والخبر محذوف أي: أمثل، أو أولى. وقد تقدم أن الخبر متى كان في الأصل مصدرا بدلا من اللفظ بفعله وجب حذف مبتدئه كقوله: "صبر جميل" ولا يبرز إلا اضطرارا كقوله:
3464 - فقالت على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد كلفت ما لم أعود
على خلاف في ذلك. والثالث: أن تكون فاعلة بفعل محذوف أي: ولتكن طاعة ولتوجد طاعة. واستضعف ذلك: بأن الفعل لا يحذف إلا إذا تقدم [ ص: 433 ] مشعر به كقوله: "يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال". [669/أ] في قراءة من بناه للمفعول أي: يسبحه رجال أو يجاب به نفي كقولك: "بلى زيد" لمن قال: لم يقم أحد، أو استفهام كقوله:
3465 - ألا هل أتى أم الحويرث مرسل بلى خالد إن لم تعقه العوائق
والعامة على رفع "طاعة" على ما تقدم. وزيد بن علي على نصبها بفعل مضمر، وهو الأصل. قال واليزيدي "ولو قرئ بالنصب لكان جائزا في العربية، وذلك على المصدر أي: أطيعوا طاعة وقولوا قولا. وقد دل عليه قوله تعالى بعدها أبو البقاء: "قل أطيعوا الله". قلت ما ود أن يقرأ به قد قرئ به كما تقدم نقله. وأما قوله: و "قولوا قولا" فكأنه سبق لسانه إلى آية القتال وهي: "فأولى لهم طاعة وقول معروف" ولكن النصب هناك ممتنع أو بعيد.