الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر المقتص منه يتلف في القصاص فيما دون النفس

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المقتص منه من يد أو رجل أو غير ذلك أو يقام عليه حد يموت منه .

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة : الحق قتله ، ولا شيء على المقتص .

                                                                                                                                                                              روينا عن أبي بكر وعمر أنهما قالا : من قتله حد فلا عقل له روينا عن عمر وعلي عليهما السلام أنهما قالا : من مات في حد أو قصاص فلا دية له .

                                                                                                                                                                              9355 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن شيخ من أهل البصرة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، أن أبا بكر وعمر قالا : من قتله حد فلا عقل له .

                                                                                                                                                                              9356 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب . وحماد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن زياد أنهم قالوا من مات في حد أو قصاص فلا دية له .

                                                                                                                                                                              9357 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن عثمان بن مطر ، عن [ ص: 101 ] سعيد ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، عن عمر قال : لا يودى ، الحق قتله .

                                                                                                                                                                              قال قتادة : وأخبرني خلاس ، عن علي قال : قتله كتاب الله .

                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري ، ومحمد بن سيرين في الذي يقتص منه فيموت : لا دية له . وهذا قول الشافعي وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، ويعقوب ، ومحمد في الذي يموت في القصاص : لا دية له . وهذا قول الأوزاعي ، وحكي ذلك عن مالك ، وربيعة ، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وبهذا نقول ، لأنهم أجمعوا أن للمقتص أن يقتص الذي أوجب له الكتاب ، وهو عندهم غير متعد في ذلك ولا جاني ، فلما أجمعوا أن له أخذ حقه ، فأخذ ما وجب له فتلف منه المقتص ، لم يجز أن يلزم من لم يجن ولم يتعد ، ومن أخذ حقه أرش إلا بحجة ، ولا حجة مع من ألزمه في ماله شيئا أو ألزم ذلك عاقلته ، ولا أعلم خلافا في إمام لو جلد رجلا في الزنا ، أو قطع سارقا يجب عليه القطع فمات أن لا شيء على الإمام ، لأن الحق قتله ، فكذلك إذا اقتص لمجروح فمات ، الحق قتله .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : وهو أن على المقتص الدية إذا تلف المقتص منه . هذا قول عطاء ، وطاوس ، وعمرو بن دينار ، والزهري ، والحارث العكلي . وقال علقمة ، والشعبي ، والنخعي : أيهما مات ودي .

                                                                                                                                                                              وقال سفيان : قول طاوس وعطاء أحب إلي - يعني أن عليه الدية ، وكان الشعبي يقول : دية المقتص منه على عاقلة القاص ، وكذلك قال [ ص: 102 ] الزهري . وقال النعمان : دية المقتص منه على المقتص له .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد قيل أن على الذي اقتص ديته ، غير أنه يطرح منها دية جرحه . روي هذا القول عن ابن مسعود ، وليس بثابت عنه ، وروي ذلك عن الشعبي ، وحماد بن أبي سليمان .

                                                                                                                                                                              9358 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن سعيد ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود قال : على الذي اقتص منه ديته ، غير أنه يطرح منه دية جرحه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية