الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              مسائل من هذا الباب

                                                                                                                                                                              اختلف مالك والشافعي في الجنين يخرج بعضه من بطن أمه .

                                                                                                                                                                              فقال مالك : لم أسمع أحدا يخالف أن الجنين لا يكون فيه الغرة حتى يزايل أمه ويسقط من بطنها .

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي : ولو خرج منه شيء يتبين فيه خلق إنسان من رأس أو يد أو رجل ثم ماتت أم الجنين ولم يخرج بقية الجنين ، ضمن الأم والجنين لأني [قد] علمت أنه جنى على جنين في بطنها بخروج بعضه ، ولا فرق بين خروج بعضه وكله ، في علمي بأنه جنى على جنين .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب في الجنين الذي ألقته المرأة غرة ما وجب فيه شيء ، فالذي يجب أن يوجب ما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم حيث أوجب ، ويوقف عن أن يوجب الغرة حيث لم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : إذا ألقت المرأة أجنة موتى قبل موتها وبعده فذلك كله سواء ، وفي كل جنين منهم غرة لها ميراثها مما ألقته [ ص: 386 ] وهي حية ، وما ألقت بعد الموت لم ترثه .

                                                                                                                                                                              وأوجب أصحاب الرأي في الجنين الذي خرج قبل موتها خمسمائة ولها ميراثها منه ، وليس في الذي خرج بعد موتها شيء .

                                                                                                                                                                              وكان مالك والشافعي وأبو ثور يقولون : دية الجنين موروث على كتاب الله .

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : كما يورث لو ألقته حيا ثم مات يرثه أبواه معا أو أمه إن لم يكن له أب [حر] مع من ورثه معها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              وكان الزهري يقول : إن كان الضارب الأب لم يرث من تلك الغرة شيئا ، هي لوارث الصبي غيره . وهذا على قول الشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال النخعي في امرأة شربت دواء فألقت ولدها قال : تعتق رقبة ، وتعطي زوجها غرة ، وليس لها شيء ، فإن لم تجد صامت شهرين متتابعين .

                                                                                                                                                                              وكان الزهري يقول في رجل أعتق ما في بطن جاريته فضربها رجل فوقع ميتا قال : ديته دية المملوك . وبه قال الثوري . [ ص: 387 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد في هذه المسألة : لا يجب له العتق إلا بالولاد ، وهو عبد حتى يعلم أنه حي أو ميت . وكذلك قال إسحاق .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول : وإذا جنى الرجل على الأمة الحامل جناية فلم تلق جنينها [حتى عتقت أو على الذمية (جناية) فلم تلق جنينها حتى أسلمت ففي جنينها] ما في جنين حرة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وكذلك نقول .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وإذا اختلف الجاني والمجني عليه ، فقال الجاني : طرحت جنينا ميتا ، وقالت : طرحته حيا ، فالقول قول الجاني مع يمينه في قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي ، وكذلك نقول . [ ص: 388 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية