الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر دية الأسنان

                                                                                                                                                                              جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : وفي السن خمس من الإبل .

                                                                                                                                                                              9488 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا الحكم بن موسى ، قال : حدثنا يحيى بن حمزة ، عن سليمان بن داود ، قال : حدثني الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات ، وبعث به مع [ ص: 236 ] عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن : أن في السن خمس من الإبل .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبظاهر هذا الحديث نقول : لا فضل للثنايا منها على الأنياب والأضراس والرباعيات ، لدخولها كلها في جملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مع ذلك قول الأكثر من أهل العلم ، ولما لم يختلفوا في أن دية اليدين سواء ، وإن اختلفت منافعهما ، كانت الأسنان كذلك ، وإن كانت مختلفة المنافع والجمال .

                                                                                                                                                                              9489 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن محمد بن راشد ، قال : أخبرني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله بن عمرو قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسنان والأصابع سواء .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فقال كثير منهم بظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في كل سن خمس من الإبل لم يفضلوا منها شيئا على شيء . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان .

                                                                                                                                                                              9490 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر والثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي قال : في السن خمس من الإبل .

                                                                                                                                                                              9491 - أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، [ ص: 237 ] عن داود بن الحصين ، عن أبي غطفان بن طريف المري ، أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله ما في الضرس ؟ فقال عبد الله بن عباس : فيه خمس من الإبل . قال : فردني إليه مروان فقال : أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس . فقال ابن عباس : لو لم يعتبر ذلك إلا بالأصابع ، عقلها سواء .

                                                                                                                                                                              9492 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب - يعني - قضى فيما أقبل من الأسنان بخمسة أبعرة ، وفي الأضراس بعير بعير ، فلما كان معاوية وقعت أضراسه فقال : أنا أعلم بالأضراس من عمر ، فجعلهن سواء .

                                                                                                                                                                              وبه قال عروة بن الزبير ، والزهري ، وقتادة ، وطاوس ، وكتاب عمر بن عبد العزيز . وكذلك قال مالك بن أنس ، والشافعي ، وسفيان الثوري ، وحكي ذلك عن عثمان البتي ، وربيعة ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، والنعمان ، وابن الحسن .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان : روي عن عمر بن الخطاب أنه قضى فيما أقبل من الفم [ ص: 238 ] بخمس فرائض خمس فرائض ، وذلك خمسون دينارا ، قيمة كل فريضة عشرة دنانير ، وفي الأضراس ببعير بعير .

                                                                                                                                                                              9493 - وذكر يحيى الأنصاري - وهو الذي روى هذا الحديث - عن سعيد بن المسيب ، عن عمر ، أن ما أقبل من الفم الثنايا والرباعيات والأنياب . . وقال سعيد : حتى إذا كان معاوية فأصيبت أضراسه ، فقال : أنا أعلم بالأضراس من عمر ، فقضى فيها بخمس فرائض . قال سعيد ، فلو أصيب الفم كله في قضاء عمر لنقصت الدية ، ولو أصيب في قضاء معاوية لزادت الدية ، ولو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه كان يجعل في الأسنان كلها الدية ، وليس ذلك بمتصل عنه . قال : كان علي يجعل في الفم الدية كاملة ، ويعطي كل سن فضلها ، يجعل في الثنايا خمسين دينارا خمسين ، وفي الرباعيات أربعين أربعين ، وفي الأنياب ثلاثين ثلاثين ، وفيما يغيب في الفم من الأضراس ستة وعشرين دينارا ستة وعشرين دينارا ، فتستوعب الدية .

                                                                                                                                                                              9494 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا هارون بن معروف ، قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن مكحول قال : كان علي يجعل في الفم الدية كاملة ، ويعطي كل سن فضلها ، يجعل في الثنايا خمسين دينارا خمسين ، وفي الرباعيات أربعين أربعين ، وفي الأنياب ثلاثين ثلاثين ، وفيما يغيب في الفم من الأضراس ستة [ ص: 239 ] وعشرين دينارا ستة وعشرين دينارا ، فتستوعب الدية .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عمر بن الخطاب رواية غير الرواية الأولى أنه قضى في الضواحك خمسة أبعرة ، وفي الأضراس بعيرين .

                                                                                                                                                                              9495 - حدثناه أبو سعد ، قال : حدثنا أبو سلمة ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمرو قال : كان عطاء يقول في الثنيتين والرباعيتين والنابين : خمس خمس ، وفيما بقي : بعيران بعيران ، أعلى الفم وأسفله كل ذلك سواء ، والأضراس سواء .

                                                                                                                                                                              وقد روي عن طاوس قول خامس قال : تفضل كل سن على التي تليها بما يرى أهل الرأي والمشورة .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية