الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر قتل الغيلة

                                                                                                                                                                              9340 - جاء الحديث عن عمر بن الخطاب أنه قتل نفرا - خمسة أو سبعة - برجل قتلوه غيلة ، وقال عمر : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به .

                                                                                                                                                                              واختلف أهل العلم فيمن قتل قتل غيلة ، فقالت طائفة : قتل الغيلة وقتل غير الغيلة سواء ، والقصاص والعفو فيه إلى الولي دون السلطان . [ ص: 85 ]

                                                                                                                                                                              هذا قول الشافعي ، والنعمان .

                                                                                                                                                                              وحكي هذا القول عن الثوري ، وأحمد بن حنبل وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : من قتل رجلا قتل غيلة على غير ثائرة ولا عداوة فإنه يقتل به ، وليس لولاة الدم أن يعفون عنه ، وذلك إلى السلطان يقتل به القاتل . هكذا قال مالك قال : هو الأمر عندنا ، وحكى آخر عن مالك أنه قال : وأما المغتال فرجل عرض لرجل أو صبي فخدعه حتى أدخله بيته فقتله أو أخذ متاعه ومالا - إن كان معه - إنما يقتله على ذلك فهذه الغيلة وهي تعد بمنزلة المحاربة .

                                                                                                                                                                              وحكي عن أبي الزناد أنه قال : أربع ليس للسلطان أن يعفو عنهم : إذا بلغه الشارب ، والزاني ، والمفتري ، والقاتل قتل [غيلة ] . وكان أبو عبيد يقول : قتل الغيلة أن يغتال الإنسان فيخدع بالشيء حتى يصير إلى موضع يستخفي له ، فإذا صار إليه قتله ، أو يقتله من غير ثائرة ولا عداوة كانت بينهما . وقد ذكر الحارث بن عبد الرحمن أن رجلا من النبط عدا عليه رجل من أهل المدينة فقتله قتل غيلة ، فأتى به أبان بن عثمان وهو إذ ذاك على المدينة ، فأمر بالمسلم الذي قتل الذمي أن يقتل . [ ص: 86 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذا على مذهب مالك .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول ، وذلك أن الله - جل ذكره - قال : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ) والأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ومن قتل [له ] قتيل فأهله بين خيرتين ، إن أحبوا العقل ، وإن أحبوا القود" فظاهر الكتاب يدل على أن ذلك إلى الأولياء دون السلطان ، ودلت السنة على مثل ما دل عليه الكتاب .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية