الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر قول الرجل للرجل يا خائن يا فاجر يا خبيث يا فاسق يا شارب الخمر يا سارق

                                                                                                                                                                              أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن لا حد على الرجل في قوله للرجل : يا فاجر يا فاسق .

                                                                                                                                                                              9259 - روي عن علي بن أبي طالب أنه قال في قولة الرجل لأخيه : يا خبيث ، يا فاسق ، يا فاجر : فواحش فيهن تعزير .

                                                                                                                                                                              وقال الثوري : إذا قال : يا فاجر ليس فيه حد وفيه تعزير . [ ص: 10 ]

                                                                                                                                                                              وكذلك قال أحمد وإسحاق وأبو ثور ، وأصحاب الرأي : وإذا قال : يا فاسق ، يا خبيث أو يقول : يا ابن الفاجرة أو يا ابن الفاسقة ، فلا حد عليه ويعزر ، وذلك أنه قد يكون فاجرا في إيمانه ، أو معاملته فلا يكون يحد إلا بالزنا المصرح .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في ذلك : لا حد فيه وكذلك نقول . وكذلك لا أعلم اختلافا في أن لا حد على الرجل يقول للرجل : يا سكران يا سارق ، يا خائن ، يا آكل الربا ، يا شارب الخمر ، ويعزر قائل أي كلمة من هذه الكلمات قالها إلا أن يكون معه بينة أن الذي رماه به موجود من فعله فإنه ينهى عن الأذى ، وكل ما ذكرته مما لا حد فيه ، فهو قول الشافعي ، وأبي ثور وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              وقال عطاء : لا حد في أن يقول : يا سكران ، يا شارب الخمر ، يا سارق .

                                                                                                                                                                              وقال الزهري وقتادة : إذا قال : يا سارق ، يا منافق ، يا كافر ، يا شارب الخمر : يعزر .

                                                                                                                                                                              وقال مالك : إذا قال له : يا خائن . فإن كان الذي قيل له من أهل الصلاح ، وحسن الحال ، فإني أرى أن يؤدب ، وإذا كان السفيه الذي لا حال له ، ولا يبالي ما قيل له ، فإني لا أرى أن يؤدب لمثل ذلك . [ ص: 11 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وليس على من قال لرجل : يا حمار ، يا ثور ، يا خنزير حد ، في قول أحد من أهل العلم علمته .

                                                                                                                                                                              وقد اختلفوا فيما يجب عليه في ذلك . فقال أبو ثور : إن كان سفيها ، وكانت له عادة عزر ، وإلا لم يعزر . وقال أصحاب الرأي : لا يعزر في ذلك .

                                                                                                                                                                              وإذا قال الرجل للرجل : يا مخنث ، حلف ما أراد بذلك الفاحشة ولا الفرية ولا حد عليه ويعزر في قول مالك ، وبه قال عبد الملك ، وفي قول الشافعي وأصحاب الرأي : لا حد عليه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية