الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر جراحات النساء

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم فيما يجب في جراحات النساء فقالت طائفة : دية المرأة على النصف من دية الرجل فيما دق وجل . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                              9414 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، عن الشيباني وابن أبي ليلى ، وذكرنا عن الشعبي ، أن عليا كان يقول : جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر . [ ص: 166 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال سفيان الثوري ، والشافعي ، وأبو ثور ، والنعمان ، وصاحباه . واحتج بعضهم بأنهم قد أجمعوا على أن ديتها على النصف من دية الرجل ، فإذا أجمعوا على الكثير ، فحكم القليل إذا اختلفوا فيه حكم الكثير . والله أعلم .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : عقلها مثل عقل الرجل إلى الثلث ، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت على النصف من دية رجل . روي هذا القول عن عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت .

                                                                                                                                                                              9415 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن شريح ، قال : كتب إلي عمر أن جراحات الرجال والنساء [سواء ] إلى الثلث من دية الرجل . [ ص: 167 ]

                                                                                                                                                                              9416 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثنا محمد بن يزيد ، عن زكريا ، عن الشعبي قال : كان زيد بن ثابت يجعله سواء إلى الثلث .

                                                                                                                                                                              وبه قال سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والزهري ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، وبه قال مالك ، وعبد الله بن يزيد بن هرمز ، وعبد الملك الماجشون ، وأحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : وهو أنهما يستويان إلى النصف ، فإذا بلغ النصف اختلفا . هذا قول الحسن البصري من رواية ابن عون ، والأشعث عنه . وقد روى عنه يونس أنه قال كالذي روي عن عمر وزيد .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع : وهو أنهما يستويان إلى المنقلة ، ويختلفان فيما فوق ذلك .

                                                                                                                                                                              9417 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي ، قال : حدثنا همام ، قال : حدثنا قتادة ، عن سليمان بن يسار ، عن زيد بن ثابت أنه قال في جراحات الرجال والنساء : يستويان إلى المنقلة ، ويختلفان فيما فوق ذلك . [ ص: 168 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وهذه الرواية عن زيد خلاف الرواية الأخرى .

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس : وهو أن ديتها سواء إلى السن والموضحة ، فما زاد على ذلك فهو على النصف .

                                                                                                                                                                              روي هذا القول عن ابن مسعود ، وشريح ، وروي ذلك عن عمر ، وهو أصح الروايتين عن عمر .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول وذلك أنهم قد أجمعوا أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ، (وأجمعوا أنهما مختلفي الدية في النصف وفيما زاد على النصف) من دية الرجل واختلفوا فيما نقص من النصف ، فوجب أن يكون حكم ما قل وكثر منه حكم ما أجمعوا عليه من الكل ، لأن النصف من أرش الجراح يجب بإجماعهم واختلفوا فيما زاد على ذلك فأخذ ما أجمعوا عليه من الجاني يجب ، لأنهم قد أجمعوا على وجوبه ويجب الوقوف عن الحكم بما زاد على ذلك لما اختلفوا فيه ، إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع ، ولا حجة مع من قال إنهما يستويان في شيء مما ذكرناه عنهم . والله أعلم . [ ص: 169 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية