الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر إصابة الحدود في الحرم

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الرجل يصيب حدا خارجا من الحرم ، ثم يدخل الحرم أو يصيب في الحرم حدا : فقالت طائفة : من قتل أو سرق في الحل ثم دخل الحرم ، فإنه لا يجالس ، ولا يكلم ، ولا يؤوى ، ويناشد حتى يخرج فيقام عليه ، ومن قتل أو سرق فأخذ في الحل فأدخل الحرم ، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب ، أخرجوه من الحرم إلى الحل ، وإن قتل في الحرم أو سرق أقيم عليه في الحرم . هكذا قال ابن عباس .

                                                                                                                                                                              9359 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : من قتل أو سرق في الحل ثم أدخل الحرم ، فإنه لا يجالس ، ولا يكلم ، ولا يؤوى ، ويناشد حتى يخرج فيقام عليه ، ومن قتل أو سرق فأخذ في الحل فأدخل الحرم ، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب ، أخرجوه من الحرم إلى الحل ، وإن قتل في الحرم أو سرق أقيم عليه في الحرم .

                                                                                                                                                                              9360 - حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : عاب ابن عباس على ابن الزبير في رجل أخذه في الحل ثم أدخله الحرم ثم أخرجه - أي يقول : أدخله بأمان ثم أخرجه - كان ذلك رجل اتهمه ابن الزبير في بعض الأمر ، وأعان عليه عبد الملك ، فكأن ابن عباس لم ير عليه قتلا . [ ص: 109 ]

                                                                                                                                                                              وكان عطاء يقول في الرجل يقتل قاتله حيث شاء أهل المقتول وإن قتل في الحل لم يقتل في الحرم ، وكذلك أشهر الحرم مثل الحرم في كل ذلك .

                                                                                                                                                                              وقال الزهري : من قتل في الحرم قتل ، ومن قتل في الحل ثم أدخل الحرم أخرج إلى الحل قال : يقتل . تلك السنة .

                                                                                                                                                                              وقال مجاهد والشعبي : إذا قتل في الحرم أو أصاب حدا في الحرم ، أقيم عليه في الحرم ، وإذا قتل في غير الحرم ثم أدخل الحرم أمن .

                                                                                                                                                                              وقال الحكم فيمن قتل رجلا ثم لجأ إلى الحرم : لا يباع ولا يجالس ولا ينزل من الحرم .

                                                                                                                                                                              وقال حماد : يخرج من الحرم فيقتل . وقال أحمد بن حنبل في قول ابن عمر : لو لقيت قاتل عمر في الحرم ، ما هجته قال : لا يحرك حتى يخرج . وكذلك قال إسحاق . وقال أحمد : فأما من قتل في الحرم فإنه يقام عليه .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة : الحرم لا يمنع من إقامة الحدود . هذا قول مالك ، وهو يشبه مذهب الشافعي ، واحتج مالك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة . [ ص: 110 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث : في الرجل يصيب القصاص ثم يدخل الحرم فإنه يقام عليه الحد إلا القتل ، إلا أنه لا يكلم ولا يجالس ولا يباع ولا يؤوى ، وإن كان أصاب ذلك القصاص أو الذي يجب فيه الحد في الحرم ، أقيم عليه ذلك كله .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : أمر الله بجلد الزانية والزاني ، وقطع السارق ، وأوجب القصاص ، فعلى الإمام أن يقيم الحدود في الحرم والحل إلا أن يمنع منه حجة ، ولا نعلم حجة منعت ذلك ولا أوجبت الوقوف عنه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية