الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3420 - أخبرني عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل ، نا سعيد بن أبي مريم ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، أخبرني نافع، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " بينما ثلاثة [ ص: 8 ] نفر يتماشون، أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار، كنت أرعى عليهم، فإذا رجعت عليهم، فحلبت، بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه قد نأى بي الشجر، فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم حتى يرون السماء.

                                                                            قال الثاني: اللهم إنه كانت لي بنت عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت إليها نفسها، فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار، فلقيتها بها، فلما قعدت بين رجليها، قالت: يا عبد الله، اتق الله ولا تفتح الخاتم، [ ص: 9 ] فقمت عنها، اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها، ففرج لهم فرجة.

                                                                            وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز، فلما قضى عمله، قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه، فتركه ورغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا وراعيها، فجاءني، فقال: اتق الله، ولا تظلمني، وأعطني حقي، فقلت: اذهب إلى ذلك البقر وراعيها، قال: اتق الله، ولا تهزأ بي، فقلت: إني لا أهزأ بك، فخذ ذلك البقر وراعيها، فأخذه، فانطلق بها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج ما بقي، ففرج الله عنهم ".


                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن محمد بن إسحاق المسيبي، عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، هو ابن أخي موسى بن عقبة، سمع نافعا. [ ص: 10 ] .

                                                                            قوله: " نأى بي الشجر "، أي: بعد المرعى، والرجوع عنه " يتضاغون "، أي: يصوتون باكين.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية