الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3607 - حدثنا المطهر بن علي، نا محمد بن إبراهيم الصالحاني ، أنا أبو الشيخ الحافظ، أنا أبو يعلى، وجعفر بن عمر النهاوندي، قالا: نا جبارة، نا ابن المبارك ، عن حميد الطويل، عن ابن أبي الورد، عن أبيه، قال: " رآني النبي صلى الله عليه وسلم، فرآني رجلا أحمر، فقال: أنت أبو الورد ".

                                                                            قال جبارة: مازحه.

                                                                            قال عمر: إنه ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، ثم إذا بغي منه، وجد رجلا.

                                                                            وقال ثابت بن عبيد: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته، فإذا خرج، كان رجلا من الرجال.

                                                                            روي عن ابن عباس ، أنه قال لقوم قعود لديه: أحمضوا.

                                                                            يقال: أحمض القوم إحماضا: إذا أفاضوا فيما يؤنسهم من الكلام، والأصل فيه هو الحمض الذي فيه فاكهة الإبل، وهي أنها ترعى الخلة، وهي ما حلا من النبات، فإذا ملتها، مشقت من الحمض مشقات، ثم عادت إلى الخلة، والحمض: ما ملح من النبات، تقول العرب: الخلة خبز [ ص: 184 ] الإبل، والحمض فاكهتها، فلما خاف ابن عباس عليهم الملال أحب أن يجمعهم، فأمرهم بالأخذ في ملح الحكايات.

                                                                            وقال علي بن أبي طالب: أجموا هذه القلوب، فإنها تمل، كما تمل الأبدان.

                                                                            / 34 وعن أبي الدرداء: إني أستجم ببعض الباطل، ليكون أنشط لي في الحق.

                                                                            وقال ربيعة الرأي: المروءة ست خصال: ثلاثة في الحضر، وثلاثة في السفر، ففي الحضر تلاوة القرآن، وعمارة مساجد الله، واتخاذ القرى في الله، والتي في السفر، فبذل الزاد، وحسن الخلق، وكثرة المزاح في غير معصية.

                                                                            دخل الشعبي وليمة، فرأى أهلها سكوتا، فقال: ما لي أراكم كأنكم في جنازة أين الغناء؟ أين الدف؟ وقيل لسفيان بن عيينة: المزاح هجنة؟ قال: بل سنة، ولكن الشأن فيمن يحسنه ويضعه مواضعه.

                                                                            وكان ابن سيرين يمزح ويضحك حتى يسيل لعابه، ثم يقرأ ( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) .

                                                                            وقيل: كان ابن سيرين كثير الضحك بالنهار، كثير البكاء بالليل.

                                                                            قال غالب القطان: أتيت ابن سيرين يوما، فسألت عن هشام، فقال: توفي البارحة أما شعرت، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فضحك، فقلت: لعله أراد النوم.

                                                                            وقال الحسن: المزاح يذهب بالمروءة.

                                                                            وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة: أن انه من قبلك عن المزاح، فإنه يذهب المروءة، ويوغر الصدر.

                                                                            وقيل: سمي المزاح مزاحا.

                                                                            لأنه أزيح عن الحق، أي: بوعد. [ ص: 185 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية