الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3540 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، نا أبو جعفر محمد بن غالب تمتام الضبي ، حدثني قيس بن حفص، نا الفضل بن العلاء، حدثني ابن خثيم، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يصلح [ ص: 119 ] الكذب إلا في ثلاث: الرجل يكذب في الحرب، والحرب خدعة، والرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما، والرجل يكذب للمرأة ليرضيها بذلك ".

                                                                            قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي : هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول، ومجاوزة الصدق، طلبا للسلامة ورفعا للضرر، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد، لما يؤمل فيه من الصلاح، فالكذب في الإصلاح بين اثنين: هو أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيرا، ويبلغه جميلا، وإن لم يكن سمعه منه، يريد بذلك الإصلاح، والكذب في الحرب: هو أن يظهر من نفسه قوة، ويتحدث بما يقوي أصحابه، ويكيد به عدوه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " الحرب خدعة "، وأما كذب الرجل زوجته: فهو أن يعدها ويمنيها، ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه، يستديم بذلك صحبتها، ويستصلح به خلقها، والله أعلم.

                                                                            وقال سفيان بن عيينة : لو أن رجلا اعتذر إلى رجل، فحرف الكلام وحسنه ليرضيه بذلك، لم يكن كاذبا يتأول الحديث: " ليس بالكاذب [ ص: 120 ] من أصلح بين الناس "، قال: فإصلاحه ما بينه وبين صاحبه أفضل من إصلاحه ما بين الناس.

                                                                            وروي أن رجلا قال في عهد عمر لامرأته: نشدتك بالله هل تحبيني؟ فقالت: أما إذ نشدتني بالله، فلا، فخرج حتى أتى عمر، فأرسل إليها، فقال: أنت التي تقولين لزوجك: لا أحبك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين نشدني بالله، أفأكذب؟ قال: نعم، فاكذبيه، ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية