الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3777 - أخبرنا ابن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، نا مسلم بن الحجاج ، حدثني زهير بن حرب ، نا عمر بن يونس الحنفي، نا عكرمة بن عمار، حدثني أبو زميل، وهو سماك الحنفي، حدثني عبد الله بن عباس، حدثني عمر بن الخطاب، قال: " لما كان يوم بدر، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه: [ ص: 380 ] اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تعبد في الأرض.

                                                                            فما زال يهتف بربه، مادا يديه، مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كذاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.

                                                                            فأنزل الله سبحانه وتعالى: ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) فأمده الله بالملائكة ".


                                                                            قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس ، قال: " بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس، يقول: أقدم حيزوم.

                                                                            إذ نظر إلى المشرك أمامه، فخر مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السيف، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدقت، [ ص: 381 ] ذلك من مدد السماء الثالثة.

                                                                            فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين ".


                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            قيل في معنى هذا الحديث، ومناشدة النبي صلى الله عليه وسلم، وقول أبي بكر: حسبك يا رسول الله، فإنه سينجزك ما وعدك: ليس ذلك لأن حال أبي بكر في الثقة بربه كان أرفع، ولا يجوز لأحد أن يظن ذلك، والمعنى فيه الشفقة منه عليه السلام على قلوب أصحابه، والتقوية لمنتهم إذ كان ذلك أول مشهد شهده، وكانوا مكثورين بأضعاف من أعدائه، فابتهل عليه السلام في الدعاء والمسألة يسكن بذلك ما في نفوسهم، إذ كانوا يعلمون أن دعوته مستجابة، فلما قال له أبو بكر: حسبك.

                                                                            كف من الدعاء إذ علم أنه قد استجيب دعاؤه بما وجده أبو بكر في نفسه من المنة والقوة حتى قال هذا القول، يدل عليه قوله على أثر ذلك: ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) ، والله أعلم.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية