الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3739 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل ، نا عبد العزيز بن عبد الله، نا إبراهيم بن سعد الزهري ، حدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب ، عن سهل بن سعد الساعدي، أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ) قال فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان رجلا أعمى، فأنزل الله على رسوله، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سري عنه، فأنزل الله سبحانه وتعالى ( غير أولي الضرر ) ". [ ص: 324 ] .

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            قلت: الوحي من الله عز وجل على أنبيائه أنواع كما قال الله تعالى: ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ) ، قال بعض أهل التفسير: الوحي الأول ما أراهم في المنام.

                                                                            قال عبيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي، وقرأ: ( إني أرى في المنام أني أذبحك ) ، وقال غير واحد من أهل التفسير: وقوله: ( أو من وراء حجاب ) فكما كلم موسى عليه السلام من وراء حجاب حتى قال: ( أرني أنظر إليك ) ، وقوله: ( أو يرسل رسولا ) ، فهو إرساله الروح الأمين، كما قال عز وجل: ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) .

                                                                            وقد كان لنبينا جميع هذه الأنواع، فقال الله عز وجل في رؤياه: ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ) .

                                                                            وقالت عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت به مثل فلق الصبح.

                                                                            وقال في الكلام: ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) ، وفرض عليه ليلة المعراج خمسين صلاة، وقال في إرسال جبريل عليه السلام: ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) ، وقال: ( من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله ) ، وفي الحديث " إن الروح الأمين نفث في [ ص: 325 ] روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب ".

                                                                            ومن الوحي ما يأتي به جبريل، ومنه ما يأتي به غيره من الملائكة، ومنه ما يكلمه الملك بأمر الله تكليما، ومنه ما يأتيه فيلقي في روعه، ومن الوحي ما كان سرا بين الله ورسوله، فلم يحدث به أحدا، ومنه ما حدث به الناس، وذلك على نوعين: فمنه ما كان مأمورا بكتبه قرآنا، ومنه ما لم يكن مأمورا بكتبه قرآنا، فلم يكن من القرآن، ويحكى عن الزهري معنى هذا.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية