الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            3717 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، نا أحمد بن منصور الرمادي ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن عوف، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين، قال: " سرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر هو وأصحابه، قال: فأصابهم عطش شديد، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه، قال: أحسبه عليا والزبير أو غيرهما، فقال: إنكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا معها بعير عليه مزادتان، فأتياني بها، قال: فأتيا المرأة، فوجداها قد ركبت بين مزادتين على البعير، فقالا لها: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ومن رسول الله؟ هذا الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 294 ] حقا، فجاءا بها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل في إناء من مزادتيها، ثم قال فيه ما شاء الله أن يقول، ثم أعاد الماء في المزادتين، ثم أمر بعزلاء المزادتين، ففتحت، ثم أمر الناس، فملؤوا آنيتهم وأسقيتهم، فلم يدعوا يومئذ إناء ولا سقاء إلا ملؤوه.

                                                                            قال عمران: حتى كان يخيل إلي أنها لم تزدد إلا امتلاء، قال: فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بثوبها فبسط، ثم أمر أصحابه، فجاؤوا من زادهم حتى ملأ لها ثوبها، ثم قال لها: اذهبي، فإنا لم نأخذ من مائك شيئا، ولكن الله سقانا، فجاءت أهلها، فأخبرتهم، فقالت: جئتكم من عند أسحر الناس، أو إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حقا، فجاء أهل ذلك الحواء حتى أسلموا كلهم ".


                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجاه من طرق، عن عوف، عن أبي رجاء.

                                                                            والمزادة: التي يسميها الناس الراوية، والراوية: البعير الذي يسقى عليه، وهذه هي المزادة، والسطيحة نحو المزادة، غير أنها أصغر من [ ص: 295 ] المزادة، فهي من جلدين، والمزادة أكبر.

                                                                            والصابئ عند العرب: الذي خرج من دين إلى دين، وكان المشركون يقولون لمن أسلم: قد صبأ فلان.

                                                                            والعزلاء: هي فم المزادة الأسفل، يخرج الماء منه خروجا واسعا.

                                                                            والحواء: بيوت مجتمعة على ماء، وجمعها أحوية.

                                                                            وفي الحديث دليل على أن أواني المشركين على الطهارة ما لم يعلم نجاستها، وفيه أن أخذ ماء الغير يجوز عند ضرورة العطش بالعوض، وقد أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم من الزاد ما كان عوضا عن مائها.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية