الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            16 - باب من نذر نذرا أن يمشي إلى بيت الله عز وجل الحرام .

                                                            4077 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا علي بن الحسن أبو علي الحافظ ، أخبرنا محمد بن الحسين ، حدثنا علي بن سعيد الكندي ، أخبرنا عيسى بن سوادة ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن زاذان ، قال : مرض ابن عباس مرضا فدعا ولده فجمعهم فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة ، كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة ، كل حسنة مثل حسنات الحرم ، قيل : وما حسنات الحرم ؟ قال : بكل حسنة مائة ألف حسنة " .

                                                            [ ص: 118 ]

                                                            4078 - وروينا عن عبد الله بن عمر أنه قال : " إذا نذر الإنسان على المشي إلى الكعبة فهذا نذر ، فليمش إلى الكعبة " .

                                                            4079 - وروينا عنه أنه سئل عن امرأة عجزت في بعض الطريق ، فقال : " مرها فلتركب ، ثم لتمش من حيث عجزت " .

                                                            4080 - وعن ابن عباس في رجل نذر أن يمشي إلى الكعبة ، فمضى نصف الطريق ، ثم ركب . قال ابن عباس : " إذا كان عام قابل فليركب ما مشى ، ويمشي ما ركب ، وينحر بدنة " . وقال يحيى بن سعيد : سألت عنه عطاء بن أبي رباح وغيره فقالوا : عليك هدي .

                                                            فلما قدمت المدينة سألت ، فأمروني أن أمشي من حيث عجزت ، فمشيت مرة أخرى .

                                                            وقد كان الشافعي رضي الله عنه يشير إلى القول بهذا ، والصحيح من مذهبه متابعة ظاهر حديث أنس بن مالك ، وعقبة بن عامر في لزوم المشي فيما قدر عليه ، فإن لم يقدر ركب وأهدر دما احتياطا ، لأنه لم يأت بما نذر كما نذر .

                                                            4081 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا عبدوس بن الحسين بن منصور النيسابوري ، أخبرنا أبو حاتم الرازي ، أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثني حميد ، عن ثابت ، عن أنس قال : مر شيخ كبير يهادى بين ابنيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بال هذا ؟ " قالوا : نذر يا رسول الله أن يمشي إلى البيت ، قال : " إن الله عز وجل عن تعذيب هذا نفسه لغني " وأمره أن يركب فركب " .

                                                            [ ص: 119 ]

                                                            4082 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن إسحاق الصغاني وأخبرنا أبو نصر محمد بن إسماعيل الصائغ ، قالا : أخبرنا روح بن عبادة ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني يحيى بن أيوب ، أن يزيد بن أبي حبيب أخبره ، أن أبا الخير أخبره ، عن عقبة بن عامر أنه قال : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله ، فأمرتني أن أستفتي لها النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لتمش ولتركب " .

                                                            قال : وكان أبو الخير لا يفارق عقبة .

                                                            4083 - وكذلك رواه عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن أبي حبيب ، دون ذكر الهدي .

                                                            4084 - وقد رواه عكرمة عن ابن عباس ، فذكر قصة أخت عقبة بن عامر وزاد فيها : " ولتهد بدنة " . وقال بعضهم : تهدي هديا ، واختلف عليه في إسناده : فمنهم من أرسله ، ومنهم من وصله ، ومنهم من ذكر فيه الهدي ، ومنهم من لم يذكره

                                                            4085 - ورواه شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، عن كريب ، عن ابن عباس وقال فيه : " لتحج راكبة ، ثم تكفر يمينها " وهذا من أفراد شريك .

                                                            4086 - وروي عن عبيد الله بن زحر ، عن أبي سعيد الرعيني ، عن عبد الله بن مالك ، عن عقبة بن عامر ، وقال فيه : " مر أختك فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام " .

                                                            وإسناد هذا الحديث مختلف فيه .

                                                            وكان محمد بن إسماعيل البخاري يقول : لا يصح الهدي في حديث عقبة بن عامر .

                                                            وروى الحسن ، تارة عن علي وتارة عن عمران بن حصين ، من قولهما في وجوب الهدي .

                                                            [ ص: 120 ] وروينا ، عن ابن عباس ، " في من جعل عليه المشي إلى بيت الله ، إن كان نوى مكانا ، فمن حيث نوى ، وإن لم يكن نوى مكانا ، فمن ميقاته .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية