الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            5 - باب الحيتان وميتة البحر قال الله عز وجل أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم [المائدة : 96 ] .

                                                            3850 - قال ابن عباس : صيده : ما اصطيد . وطعامه : ما لفظ به البحر .

                                                            3851 - وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .

                                                            [ ص: 52 ]

                                                            3852 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر الفقيه ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن نصر ، أخبرنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبو خيثمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيرا لقريش ، وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره . فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة ، فقلنا كيف كنتم تصنعون بها . قال : نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فيكفينا يومنا إلى الليل ، وكنا نضرب الخبط بعصينا ثم نبله بالماء فنأكله ، فأصبنا على ساحل البحر مثل الكثيب الضخم دابة تدعى العنبر ، فقال أبو عبيدة : ميتة . ثم قال : لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا ، فأكلنا منه شهرا ، ونحن ثلاثمائة حتى سئمنا ، ولقد كنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقطع منه الفدر كالثور ، ولقد أخذ أبو عبيدة منا ثلاثة عشر رجلا فأقامهم في وقب عينيه ، وأخذ ضلعا من أضلاعها فأقامها ثم رحل أعظم بعير فمر من تحتها ، وتزودنا من لحمه وشائق . فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال : " هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا " فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكل منه .

                                                            [ ص: 53 ]

                                                            3853 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا الحسن بن علي بن عفان ، أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الطفيل : أن أبا بكر الصديق سئل عن ميتة البحر فقال : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .

                                                            3854 - وروينا من وجه آخر عن أبي بكر أنه قال : " السمكة الطافية حلال لمن أراد أكلها " .

                                                            3855 - وعن عمر بن الخطاب قال : " الجراد والنون ذكي كله " .

                                                            3856 - وعن علي بن أبي طالب قال : " الحيتان والجراد ذكي كله " .

                                                            3857 - وعن أبي أيوب أنه ركب البحر في رهط من أصحابه فوجدوا سمكة طافية على الماء ، فقال أبو أيوب : كلوها وارفعوا نصيبي منها . وعن أبي أيوب ، وأبي صرمة أنهما أكلا الطافي .

                                                            3858 - وعن ابن عباس ، لا بأس بالطافي من السمك .

                                                            وعن أبي هريرة ، وزيد بن ثابت ، أنهما كانا لا يريان بأكل ما لفظ البحر بأسا وعن ابن عمر ، مثله .

                                                            3859 - وعن عبد الله بن عمر ، في الحيتان يقتل بعضها بعضا أو تموت صردا فقالا : ليس بها بأس .

                                                            3860 - وعن أبي هريرة في ناس محرمين سألوه عن صيد وجدوه على الماء طاف [ ص: 54 ] فأمرهم أن يشتروه فيأكلوه ، ثم قدم على عمر بن الخطاب فذكره له فقال : لو أمرتهم بغير ذلك لفعلت . وهذا كله أولى مما روي .

                                                            3861 - عن جابر بن عبد الله أنه كان يقول : ما ضرب به البحر أو جزر عنه أو صيد فيه فكل . وما مات فيه ثم طفا فلا تأكل ، فإنهم أكثر عددا وفيهم آية ومعهم ظاهر الكتاب والسنة . ومن روى حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا غلط في رفعه .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية