الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            8 - باب تأكيد اليمين

                                                            بالمكان ، والزمان ، والوعظ والتخويف بالله عز وجل وكيف يحلف .


                                                            4218 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن داود الرزاز ببغداد ، أخبرنا أبو عمرو ، وعثمان بن أحمد الدقاق ، أخبرنا محمد بن عبيد الله المنادي ، أخبرنا أبو بدر حدثنا هاشم بن هاشم ، أخبرني عبد الله بن نسطاس مولى كثير بن الصلت : أن جابر بن عبد الله ، أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يحلف أحد على يمين آثمة عند منبري هذا ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار ، أو وجبت له النار " .

                                                            4219 - وكذلك قاله أبو ضمرة ، عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن عبد الله بن نسطاس ، عن جابر بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار " .

                                                            4220 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، فذكره .

                                                            4221 - وروي بإسناد حسن عن أبي هريرة ، مرفوعا " من حلف عند منبري " .

                                                            4222 - وروى الشافعي ، بإسناده عن المهاجر بن أبي أمية قال : كتب إلي أبو بكر الصديق : أن ابعث إلي بقيس بن مكشوح في وثاق ، فأحلفه خمسين يمينا عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم : ما قتل دادويه .

                                                            [ ص: 164 ]

                                                            4223 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبد بن يحيى بن بكير ، أخبرنا مالك عن داود بن الحصين أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول : اختصم زيد بن ثابت ، وابن مطيع في دار إلى مروان بن الحكم ، فقضى مروان على زيد باليمين على المنبر ، فقال زيد : أحلف له مكاني قال مروان : لا والله إلا عند مقاطع الحقوق ، فجعل زيد يحلف أن حقه لحق ويأبى أن يحلف على المنبر ، فجعل مروان يعجب من ذلك .

                                                            4224 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، فذكر هذا الحديث .

                                                            قال الشافعي : لو لم يعرف زيد أن اليمين عليه لقال لمروان ما هذا علي .

                                                            4225 - قال الشافعي : وبلغني أن عمر بن الخطاب حلف على المنبر في خصومة كانت بينه وبين رجل ، وأن عثمان بن عفان ردت عليه اليمين على المنبر فاتقاها وافتدى منها ، وقال : أخاف أن يوافق قدر بلاء فيقال : بيمينه .

                                                            4226 - قال الشافعي ، واليمين على المنبر لا اختلاف فيه عندنا في قديم ولا حديث علمته ، قال : ومن حجتهم فيه مع إجماعهم .

                                                            4227 - أن مسلما ، والقداح ، أخبراني عن ابن جريج ، عن عكرمة بن خالد ، أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت ، فقال : على دم ؟ فقالوا : لا ، قال : فعلى عظيم من الأموال ؟ قالوا : لا ، قال : ولقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام .

                                                            هكذا في روايتنا ، وروي أن يباهي الناس يعني : يأنسوا به حتى تقل هيبته في قلوبهم .

                                                            [ ص: 165 ]

                                                            4228 - قال الشافعي : قد هبوا إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارا فصاعدا ، قال : وقد روى الذين جالسونا أن عمر جلب قوما من اليمن فأدخلهم الحجر وأحلفهم وقد أنكروا علينا أن يحلف من بمكة بين الركن والمقام ، ومن بالمدينة على المنبر ، ونحن لا نجلب أحدا من بلده . واحتج الشافعي في الاستحلاف بعد العصر بقول الله عز وجل تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله وقال المفسرون : صلاة العصر .

                                                            4229 - وروينا عن أبي موسى الأشعري أنه أحلفهما بعد العصر : ما خانا .

                                                            4230 - وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم : رجل حلف على مال امرئ مسلم بعد صلاة العصر ليقتطعه " .

                                                            وفي رواية أخرى : " رجل حلف على يمين بعد صلاة العصر أنه أعطي بسلعته أكثر مما أعطي وهو كاذب " .

                                                            4231 - وروينا عن ابن أبي مليكة أنه قال : كتبت إلى ابن عباس من الطائف في جاريتين ضربت إحداهما الأخرى ولا شاهد عليها ، فكتب إلي أن احبسهما بعد صلاة العصر ثم اقرأ عليهما :

                                                            إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [آل عمران : 77 ] ففعلت ، فاعترفت .


                                                            4232 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن مؤمل ، عن عبد الله بن أبي [ ص: 166 ] مليكة فذكره .

                                                            4233 - وروى الشافعي : أن ابن الزبير أمر بأن يحلف على المصحف .

                                                            4234 - قال الشافعي : وقد كان من حكام الآفاق من يستحلف على المصحف وذلك عندي حسن .

                                                            4235 - قال الشيخ : وروينا عن ابن سيرين أن كعب بن سويد أدخل يهوديا الكنيسة ووضع التوراة على رأسه واستحلفه بالله عز وجل .

                                                            4236 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، ومحمد بن الحسين السلمي قالا : أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الحسن بن علي بن عفان ، أخبرنا ابن عمير ، عن الأعمش ، عن شقيق قال : قال عبد الله بن مسعود : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                                                            " من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان "

                                                            زاد فيه غيره وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل

                                                            [ ص: 167 ] إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [آل عمران : 77 ] .

                                                            قال الشافعي : لا بأس أن يفتدي الرجل بشيء يعطيه الذي يريد أن يستحلفه .

                                                            4237 - قال الشيخ : وقد روينا عن حذيفة ، أنه أراد أن يشتري يمينه ، وعن جبير بن مطعم ، أنه فدى يمينه بعشرة آلاف درهم

                                                            4238 - قال الشافعي : ويحلف الرجل في حق نفسه على البت وعلى علمه في أبيه .

                                                            4239 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا مسدد أخبرنا أبو الأحوص ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل حلف بالله الذي لا إله إلا هو : " ما له شيء عندك " يعني المدعي .

                                                            4240 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن سحويه العدل ، أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، أخبرنا الحارث بن سليمان الكندي ، حدثني كردوس الثعلبي ، عن أشعث بن قيس الكندي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت اختصما في أرض من اليمن ، فقال الحضرمي : يا رسول الله إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا وهي في يده قال : هل لك بينة ؟ قال : لا ولكن أحلفه : والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه ، فتهيأ الكندي لليمين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقتطع أحد مالا بيمين إلا لقي الله وهو أجذم فقال الكندي هي أرضه " فردها الكندي .

                                                            [ ص: 168 ]

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية