الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            كتاب الجزية .

                                                            1 - باب الجزية قال الله عز وجل فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقال وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .

                                                            [الأنفال : 39 ] 3695 - وروينا في كتاب الجهاد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " .

                                                            وقال الله عز وجل في السيرة في أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . [التوبة : 29 ]

                                                            3696 - وروينا عن بريدة قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا وقال : إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم : ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين . فذكر الحكم في ذلك إلى أن قال : فإن أبوا ( يعني الإسلام ) فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن أبوا فاستعن بالله عز وجل وقاتلهم " .

                                                            [ ص: 3 ]

                                                            3697 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا محمد بن سليمان ، أخبرنا وكيع ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه فذكره .

                                                            3698 - وروينا عن مجاهد ، أنه قال : " يقاتل أهل الأوثان على الإسلام ، ويقاتل أهل الكتاب الذين تؤخذ منهم الجزية بين أن يكونوا عربا أو عجما .

                                                            3699 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان قال : قال الشافعي : " قد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من أكيدر الغساني " .

                                                            ويروون أنه صالح رجلا من العرب على الجزية .

                                                            فأما عمر بن الخطاب ومن بعده من الخلفاء إلى اليوم فقد أخذوا الجزية من بني تغلب وتنوخ وبهرا وخلط من خلط العرب ، وهم إلى الساعة مقيمون على النصرانية تضاعف عليهم الصدقة وذلك جزية ، وإنما الجزية على الأديان لا على الأنساب ، ولولا أن نأثم بتمني باطل وددنا أن الذي قال أبو يوسف كما قال وأن لا يجري صفار على عربي ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به .

                                                            3700 - قال الشيخ : والذي روي في ، حديث ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طالب : " يا عم ! أريدهم على كلمة تدين لهم العرب ، ويؤدي إليهم العجم الجزية " [ ص: 4 ] فإنه ورد قبل الهجرة وقبل نزول الأحكام في سيرته مع الكفار ، والله أعلم .

                                                            وأما المجوس فقد :

                                                            3701 - روينا عن علي بن أبي طالب : أنه كان لهم علم يعلمونه ، وكتاب يدرسونه ، وإن ملكهم سكر فوقع على ابنته وأخته ، فاطلع عليه بعض أهل مملكته ، فلما صحا جاؤوا يقيمون عليه الحد فامتنع منهم ، ودعا أهل مملكته وقال : تعلمون دينا خيرا من دين آدم وقد كان ينكح بنيه من بناته ؟ وأنا على دين آدم ! ما يرغب بكم عن دينه ؟ قال : فبايعوه ، وقاتلوا الذي خالفوهم ، فأصبح وقد أسري على كتابهم فهم أهل كتاب . وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر منهم الجزية .

                                                            3702 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، سمع بجالة بن عبدة ، يقول : كنت كاتبا لجزء بن معاوية عن الأحنف بن قيس ، فأتاه كتاب عمر : " اقتلوا كل ساحر ، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس " ، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر .

                                                            3703 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال : " ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال له عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " .

                                                            3704 - قال الشافعي رحمه الله : يعني في أخذ الجزية . واحتج بما هو منقول في :

                                                            [ ص: 5 ]

                                                            3705 - وروينا ، عن سعيد بن المسيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخذ الجزية من مجوس هجر ، وأن عمر بن الخطاب أخذها من مجوس السواد ، وأن عثمان أخذها من مجوس بربر .

                                                            3706 - أخبرنا أبو زكريا ، أخبرنا أبو العباس ، أخبرنا ابن عبد الحكم ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، حدثني سعيد بن المسيب فذكره .

                                                            3707 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة ، أخبرنا وكيع ، أخبرنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد بن علي ، قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم قبل منه ، ومن أبى ضربت عليه الجزية ، على ألا تؤكل لهم ذبيحة ، ولا ينكح لهم امرأة .

                                                            وهذا وإن كان مرسلا فإليه ذهب أكثر العلماء " .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية