بسم الله الرحمن الرحيم
آ. (1) قد تقدم الكلام في الحروف المقطعة أول هذا الموضوع، و "طه" من ذاك، هذا هو الصحيح. وقيل: إن معنى "طه" يا رجل في لغة عك، وقيل: عكل، وقيل: هي لغة يمانية. وحكى أنك لو قلت في عك: يا رجل، لم يجب حتى تقول: طه. الكلبي
وقال "طه في عك بمعنى: يا رجل"، وأنشد قول شاعرهم: الطبري:
3269 - دعوت بطه في القتال فلم يجب فخفت عليه أن يكون موائلا
[ ص: 6 ] وقول آخر:
3270 - إن السفاهة طه في خلائقكم لا قدس الله أرواح الملاعين
قال "وأثر الصنعة ظاهر في البيت المستشهد به" فذكره، وقال الزمخشري: "معناه: يا فلان". وقال السدي: أيضا: "ولعل عكا تصرفوا في "يا هذا"، كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء، فقالوا: في يا: طا، واختصروا "هذا" فاقتصروا على "ها". يعني فكأنه قيل في الآية الكريمة: يا هذا. وفيه بعد كبير. الزمخشري
قال الشيخ: "ثم تخرص وحزر على عك ما لم يقله نحوي: وهو أنهم يقلبون يا التي للنداء طاء، ويحذفون اسم الإشارة ويقتصرون منه على "ها" التي للتنبيه". قلت: وهذا وإن كان قريبا مما قاله عنه إلا أنه أنحى عليه في عبارته بقوله "تخرص".
وقيل: "طه" أصله طأها بهمزة "طأ" أمرا من وطئ يطأ، و "ها" ضمير مفعول يعود على الأرض، ثم أبدل الهمزة لسكونها ألفا، ولم يحذفها في الأمر نظرا إلى أصلها أي: طأ الأرض بقدميك. وقد جاء في التفسير: "أنه قام حتى تورمت قدماه".
[ ص: 7 ] وقرأ الحسن وعكرمة وأبو حنيفة في اختياره بإسقاط الألف بعد الطاء، وهاء ساكنة. وفيها وجهان، أحدهما: أن الأصل "طأ" بالهمز أمرا أيضا من وطئ يطأ، ثم أبدل الهمزة هاء كإبدالهم لها في "هرقت" و "هرحت" و "هبرت". والأصل: أرقت وأرحت وأبرت. والثاني: أنه أبدل الهمزة ألفا، كأنه أخذه من وطي يطا بالبدل كقوله: وورش
3271 - . . . . . . . . . . . . . . . لا هناك المرتع
ثم حذف الألف حملا للأمر على المجزوم وتناسيا لأصل الهمز ثم ألحق هاء السكت، وأجرى الوصل مجرى الوقف. وقد تقدم في أول يونس الكلام على إمالة طا وها فأغنى عن إعادته هنا.