[ ص: 78 ] قوله: "ما أنت قاض" يجوز في "ما" وجهان، أظهرهما: أنها موصولة بمعنى الذي، و "أنت قاض" صلتها والعائد محذوف، أي: قاضيه. وجاز حذفه، وإن كان مخفوضا، لأنه منصوب المحل. أي: فاقض الذي أنت قاضيه. والثاني: أنها مصدرية ظرفية، والتقدير: فاقض أمرك مدة ما أنت قاض. ذكر ذلك وقد منع بعضهم ذلك أعني جعلها مصدرية قال: لأن: "ما" المصدرية لا توصل بالجملة الاسمية. وهذا المنع ليس مجمعا عليه، بل جوز ذلك جماعة كثيرة. ونقل أبو البقاء. ابن مالك أن ذلك يكثر إذا دلت "ما" على الظرفية. وأنشد:
3305 - واصل خليلك ما التواصل ممكن فلأنت أو هو عن قليل ذاهب
ويقل إن كانت غير ظرفية. وأنشد:
3306 - أحلامكم لسقام الجهل شافية كما دماؤكم تشفي من الكلب
قوله: "إنما تقضي هذه الحياة" يجوز في "ما" هذه وجهان، أحدهما: أن تكون المهيئة لدخول "إن" على الفعل و "الحياة الدنيا" ظرف لـ "تقضي"، ومفعوله محذوف أي: تقضي غرضك وأمرك. ويجوز أن تكون "الحياة" مفعولا [ ص: 79 ] به على الاتساع، ويدل لذلك قراءة أبي حيوة "تقضى هذه الحياة" ببناء الفعل للمفعول ورفع "الحياة" لقيامها مقام الفاعل; وذلك أنه اتسع فيه فقام مقام الفاعل فرفع.
والثاني: أن تكون "ما" مصدرية هي اسم "إن"، والخبر الظرف. والتقدير: إن قضاءك في هذه الحياة الدنيا، يعني: إن لك الدنيا فقط، ولنا الآخرة.
وقال "فإن كان قد قرئ بالرفع فهو خبر إن". يعني لو قرئ برفع "الحياة" لكان خبرا لـ "إن" ويكون اسمها حينئذ "ما"، وهي موصولة بمعنى الذي، وعائدها محذوف تقديره: إن الذي تقضيه هذه الحياة لا غيرها. أبو البقاء: