آ. (56) قوله : الذي فطرهن : يجوز أن يكون مرفوع الموضع، أو منصوبه على القطع. والضمير المنصوب في "فطرهن" للسماوات والأرض. قال الشيخ: "ولما لم تكن السماوات والأرض تبلغ في العدد الكثير منه جاء الضمير ضمير القلة". قلت: إن عنى لم يبلغ كل واحد من السماوات والأرض فمسلم، ولكنه غير مراد بل المراد المجموع. وإن عنى لم يبلغ المجموع منهما فغير مسلم; لأنه يبلغ أربع عشرة، وهو في حد جمع الكثرة، [ ص: 171 ] اللهم إلا أن نقول: إن الأرض شخص واحد، وليست بسبع كالسماء على ما رآه بعضهم فيصح له ذلك ولكنه غير معول عليه.
وقيل: على التماثيل. قال "وكونه للتماثيل أثبت لتضليلهم، وأدخل في الاحتجاج عليهم". وقال الزمخشري: "فطرهن عبارة عنها كأنها تعقل، وهذه من حيث لها طاعة وانقياد، وقد وصفت في مواضع بوصف من يعقل". وقال غيره: "فطرهن: أعاد ضمير من يعقل لما صدر منهن من الأحوال التي تدل على أنها من قبيل من يعقل; فإن الله تعالى أخبر بقوله: ابن عطية: "أتينا طائعين". وقوله عليه السلام: "أطت السماء وحق لها أن تئط".
قلت: كأن وهذا القائل توهما أن "هن" من الضمائر المختصة بالمؤنثات العاقلات، وليس كذلك بل هو لفظ مشترك بين العاقلات وغيرها. قال تعالى: ابن عطية "منها أربعة حرم". ثم قال تعالى: "فلا تظلموا فيهن".
قوله: "على ذلكم" متعلق بمحذوف، أو بـ "الشاهدين" اتساعا، أو على البيان. وقد تقدم نظيره نحو: "لكما لمن الناصحين".