حد السكر
اختلف أهل العلم في . حد السكر الذي يلزم صاحبه اسم السكران
فقالت طائفة : أقل السكر أن يغلب على عقله في بعض ما لم يكن يغلب عليه قبل الشرب ، هذا قول . الشافعي
وقال : لا يجلد إلا في اختلاط العقل ، يستقرأ فإن أقام القراءة وسئل فتكلم بما يعرف ، لم يجلد ، وإن خلط القراءة والكلام الذي يعرفه الناس جلد . وحكي عن الثوري أنه قال : يحد من السكر إذا تغير عن طباعه الذي هو عليه . مالك
وقال : فأما السكر إذا تغير عما كان عليه وعرف فيه التغيير ، كان سكرا وعليه الحد . وحكي عن أبو ثور عبيد الله بن الحسن أنه قال : حد السكر ذهاب الحياء وتغير الكلام ، يتكلم من الكلام بما كان لا يتكلم - فيحد في هذه الحال ، وفي قليل الخمر الحد ، وفيما سوى الخمر مما يسكر من الشراب الحد ولا يحد فيه حتى يسكر .
وكان النعمان يقول : السكر الذي يجب على صاحبه الحد أن لا يعرف الرجل من المرأة .
وحكي عنه أنه قال : هو أن لا يعرف قليلا ولا كثيرا .
وقال أبو يوسف : ليس يكون هذا ولا يحد سكرانا إلا وهو يعرف شيئا فإذا كان الغالب عليه اختلاط العقل ، واستقرأ سورة فلم يقمها ، وجب عليه الحد . [ ص: 31 ]
قال : وقد قال بعض من يوافق القول الأول : إذا كان معلوم أن الشارب قبل شربه يكره أن يظهر منه قبيح من قول أو فعل ، طلب الستر والصيانة ثم شرب ، فظهر منه ما كان يكتمه وبدا منه ما كان يستره ، فهو في هذه الحال سكران لخروجه عن الحالة الأولى التي كان يعز عليه فيها أن ينسب إلى شيء مما ظهر منه . أبو بكر
قال : والذي قاله أبو بكر ومن تبعه أولى ، والدليل على صحته قوله ( الشافعي يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) الآية ، وقد كان القوم الذين خوطبوا بهذه الآية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل أن ينزل تحريم الخمر يقربون [الصلاة ] قاصدين لها في حال سكرهم عالمين بالصلاة التي لها يقصدون ، ولا يكون ذلك إلا في حال قد عرفوا فيه مواقيت الصلاة ، وقد سموا سكارى ، لأن في الحديث أن أحدهم أمهم وقد قصدوا الصلاة فخلط في القراءة فأنزل الله - جل وعز - الآية ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) وفيما ذكرنا من قصدهم إلى الصلاة دلالة على أن اسم السكران قد يستحق من عرف شيئا وذهب عليه غيره ، ولو كان السكران لا يكون إلا من لا يعرف شيئا ما اهتدى سكران لمنزله أبدا ، ومعروف أن السكران يأتي منزله ، ويقال : جاءنا وهو سكران . [ ص: 32 ]