باب ذكر الوليين يعفو أحدهما ويقتل الآخر
اختلف أهل العلم في الوليين يعفو أحدهما عن الدم ويقتل الآخر : فقالت طائفة : يدرأ عن القاتل القتل بالشبهة ، ويكون لورثة القاتل الأول الدية على قاتل الآخر ، ويرجع الذي عفا بنصف الدية في مال القاتل الأول . هذا قول إذ هو الشافعي بالعراق . وقال بمصر : فيها قولان : إذا قال : لم أعلم عفو من معي .
أحدهما : أن عليه القصاص ، فإذا اقتص منه فنصيبه من الدية في مال القاتل للمقتول الذي اقتص منه .
والآخر : أن يحلف ما علم عفوه ، ثم عوقب ، ولم يقتص منه ، وأغرم ديته حالة في ماله يرفع عنه منها قدر نصيبه من دية المقتول الذي هو وارثه ، وإن لم يحلف حلف أولياء المقتول الآخر لقد علم .
ثم في القصاص منه قولان : [ ص: 127 ] أحدهما : أن يقتص منه . والآخر : لا يقتص منه .
وكان يقول : إن كان جاهلا يدرأ عنه القتل ، وعليه الدية في ماله ، وإن كان عالما قتلناه ، إلا أن يريد الأولياء الدية . وللوليين الأولين الدية في مال المقتول الآخر . أبو ثور
وقال أصحاب الرأي : عليه الدية كاملة في ماله ، يحتسب له من ذلك نصف الدية حصته من دم المقتول الأول ، ويؤدي النصف علم بالعفو أو لم يعلم أن الدم حرم بالعفو أو لا يعلم بالعفو .
قال : النظر يدل على أن عليه القود إذا علم بالعفو ، وأن الدم قد صار محرما عليه بعفو صاحبه ، وإن لم يعلم بالعفو ، أو كان جاهلا يحسب أن له القود ، وإن عفا بعض الأولياء فلا قود عليه ، وعليه الدية . أبو بكر