6 - باب قال الله عز وجل شهادة أهل الذمة وأشهدوا ذوي عدل منكم [الطلاق : 2 ] .
وقال : واستشهدوا شهيدين من رجالكم [البقرة : 282 ] .
قال : ممن ترضون من الشهداء [البقرة : 282 ] .
4193 - قال : في هاتين الآيتين دلالة على أن الله إنما عنى المسلمين دون غيرهم ، من قبل أن رجالنا ومن نرضى من أهل ديننا لا المشركون لقطع الله الولاية بيننا وبينهم بالدين . ووصف الشهود منا فقال : الشافعي ذوي عدل منكم فلا تجوز من غيرنا .
4194 - قال الشيخ : وفي الحديث الصحيح عن : ابن عباس " يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وقد حدثكم الله : أن أهل الكتاب قد بدلوا ما كتب الله وغيروا " .
4195 - وعن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا [ ص: 153 ] تكذبوهم " .
4196 - وروى عمر بن راشد ، عن ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة فإنها تجوز على غيرهم " . " لا يتوارث أهل ملتين شتى ، ولا تجوز شهادة ملة على ملة محمد صلى الله عليه وسلم ،
4197 - أخبرنا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن محمد الدوري شاذان ، قال : كنت عند فسمعت شيخا يحدث عن سفيان الثوري فذكره . قال يحيى بن أبي كثير أبو عبد الرحمن شاذان : فسألت عن هذا الشيخ بعض أصحابنا فزعم أنه عمر بن راشد . ورواه أيضا : ، علي بن الجعد والأسود بن عامر ، عن عمر بن راشد ، تفرد به وليس بالقوي . عمر
[ ص: 154 ] وأما قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ، أو آخران من غيركم [المائدة : 106 ] .
4198 - فقد قال : من المسلمين إلا أنه يقول : من القبيلة ، أو من غير القبيلة ، ألا ترى أنه يقول : الحسن البصري تحبسونهما من بعد الصلاة .
4199 - وبمعناه قال . عكرمة
4200 - قال رضي الله عنه : وقد سمعت من يتأول هذه الآية على غير قبيلتكم من المسلمين ، واحتج بما رويناه عن الشافعي وبقول الله الحسن ولو كان ذا قربى وإنما القرابة بين المسلمين الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من العرب بينهم وبين أهل الأوقاف لا بينهم وبين أهل الذمة ، يقول الله ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين وإنما يتأثر من كتمان الشهادة للمسلمين ، المسلمون لا أهل الذمة .
4201 - قال : وسمعت من يذكر أنها منسوخة .
[ ص: 155 ] وذهب في معنى الآية إلى ما : مقاتل بن حيان
4202 - أخبرنا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أبو الحسن الطرائفي وأبو محمد الكعبي ، وأخبرنا ، أخبرنا إسماعيل بن قتيبة أبو خالد يزيد بن صالح ، حدثني بكير بن معروف ، عن ، في مقاتل بن حيان يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل [المائدة : 106 ] وذلك أن رجلين نصرانيين من أهل دارين أحدهما قوله تميم ، والآخر عدي صحبهما . مولى لقريش في تجارة وركبوا البحر ومع القرشي مال معلوم قد علمه أولياؤه من بين آنية وبزورقة فمرض القرشي فجعل الوصية إلى الداريين فمات فقبض الداريان المال فلما رجعا من تجارتهما جاءا بالمال والوصية فدفعاه إلى أولياء الميت وجاءا ببعض ماله فاستنكر القوم قلة المال فقالوا للداريين إن صاحبنا قد خرج معه بمال كثير مما أتيتما به فهل باع شيئا أو اشترى شيئا فوضع فيه أم هل طال مرضه فأنفق على نفسه قالا لا قالوا انكما قد خنتما لنا فقبضوا المال ورفعوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت إلى آخر الآية . فلما نزلت : أن يحبسا بعد الصلاة أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقاما بعد الصلاة فحلفا بالله رب السماوات ورب الأرض ما ترك مولاكم من مال إلا ما أتيناكم به وإنا لا نشتري بأيماننا ثمنا من الدنيا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله ، إنا إذا لمن الآثمين فلما حلفا خلى سبيلهما ثم إنهم وجدوا بعد ذلك إناء من آنية الميت ، وأخذوا الداريين فقالا اشتريناه [ ص: 156 ] منه في حياته وكذبا فكلفا البينة فلم يقدرا عليها فرفعوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى فإن عثر يقول : فإن اطلع على أنهما استحقا إثما - يعني الداريين يقول : إن كانا كتما حقا فآخران من أولياء الميت يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله يقول : فيحلفان بالله إن مال صاحبنا كان كذا وكذا ، وأن الذي نطلب قبل الداريين لحق ( وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ) ، فهذا قول الشاهدين أولياء الميت حين اطلع على خيانة الداريين يقول الله تعالى ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها [المائدة : 108 ] يعني الداريين والناس أن يعودوا لمثل ذلك .
4203 - وقد رواه عن الشافعي أبي سعيد معاذ بن موسى ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل ، وقال مقاتل : أخذت هذا التفسير عن ، مجاهد والحسن ، والضحاك .
4204 - قال : وإنما الشافعي ( شهادة بينكم ) أيمان بينكم إذا كان هذا المعنى ، والله أعلم . معنى
4205 - أخبرنا ، حدثنا أبو عبد الله الحافظ أبو قتيبة سلمة بن الفضل الآدمي ، بمكة ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري ، حدثنا ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن أبي زائدة محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن رضي الله عنهما قال : ابن عباس ، تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجدوا الجام بمكة فقالوا : اشتريناه من تميم ، وعدي ، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم . وفيهم نزلت هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم خرج رجل من بني سهم مع [ ص: 157 ] وهذا الحديث الصحيح يشير لتفسير بالصحة وقد يحتمل أن يكون مقاتل بن حيان شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم المراد بقوله
الشهادة نفسها ، وكذلك ذكرها بروايتنا وهو أن يكون للمدعين اثنان ذوا عدل من المسلمين يشهدان لهم بما ادعوا على الداريين من الخيانة ، ثم قال مقاتل بن حيان أو آخران من غيركم يعني : والله أعلم إذا لم يكن للمدعين منكم بينة ، فالداريان اللذان ادعي عليهما على ما حكاه مقاتل ، فإن عثر على أنهما استحقا إثما يعني ادعيا الابتياع والوارثان لا يعلمان ذلك فيقسمان بالله على ما ذكره مقاتل والله أعلم .
4206 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن عاز المؤمل المؤملي ، أخبرنا أبو عثمان البصري ، أخبرنا أحمد بن عثمان النسوي ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب ، أخبرنا ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق عن أبي النضر ، زاذان ، مولى أم هانئ ، عن ، ابن عباس في هذه الآية تميم الداري شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت فقال : برئ الناس منها غيري وغير عدي بن بداء ، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام - فأتيا الشام بتجارتهما ، وقدم عليهما مولى لبني سهم [يقال له بديل بن أبي مارية ] بتجارة ومعه جام من فضة ، وهو عظم تجارته ، فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك إلى أهله .
قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ، ثم اقتسمناه أخبرنا وعدي بن بداء ، فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا ، وفقدوا الجام ، فسألونا عنه ، فقلنا : ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره !
قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك ، وأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا إليه فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم البينة ، فلم يجدوا ، فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ، فحلف ، فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إلى قوله تعالى : أن ترد أيمان بعد أيمانهم .
[ ص: 158 ] فقام ورجل آخر منهم فحلفا ، فنزعت الخمسمائة من يد عمرو بن العاص عدي بن بداء . عن
ذكره الكلبي في هذه الرواية ، وذكره في رواية محمد بن مروان عند معنى ما ذكر مقاتل ، فإن كان ما ذكره هاهنا محفوظا فيحتمل إن عثر على أنهما استحقا إثما ، إنما كان بقول وشهادته فكان شاهدا واحدا ، فحلف الوليان الوارثان تميم الداري ، عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة مع شاهدهما واستحقا والله أعلم .
4207 - وروى مجالد عن قال : الشعبي يجيز شهادة كل ملة على ملتها ولا يجيز شهادة اليهودي على النصراني ولا النصراني على اليهودي ، شريح إلا المسلمين فإنه يجيز شهادتهم على الملل كلها ، هذا هو مذهب كان في ذلك وقد غلط فيه شريح ، عن أبو خالد الأحمر مجالد .
4208 - فروى عنه ، عن ، عن الشعبي جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم : أجاز شهادة اليهود بعضهم على بعض " وفي رواية أخرى : " شهادة أهل الكتاب " وكذا أجمعوا على خطئه في ذلك والله أعلم .
[ ص: 159 ]