[ ص: 377 ] سورة النور
بسم الله الرحمن الرحيم
آ. (1) قوله : سورة أنزلناها : يجوز في رفعها وجهان. أحدهما: أن يكون مبتدأ. والجملة بعدها صفة لها، وذلك هو المسوغ للابتداء بالنكرة. وفي الخبر وجهان، أحدهما: أنه الجملة من قوله: "الزانية والزاني" وإلى هذا نحا فإنه قال: "ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر ابن عطية، "الزانية والزاني" وما بعد ذلك. والمعنى: السورة المنزلة المفروضة كذا وكذا; إذ السورة عبارة عن آيات مسرودة لها بدء وختم". والثاني: أن الخبر محذوف أي: فيما يتلى عليكم سورة، أو فيما أنزلنا سورة.
والوجه الثاني من الوجهين الأولين: أن يكون خبر المبتدأ مضمرا أي: هذه سورة. وقال "سورة بالرفع على تقدير: هذه سورة، أو مما يتلى عليك سورة فلا تكون "سورة" مبتدأة لأنها نكرة". وهذه عبارة مشكلة على ظاهرها. كيف يقول: لا تكون مبتدأ مع تقديره: فيما يتلى عليك سورة؟ وكيف يعلل المنع بأنها نكرة مع تقديره لخبرها جارا مقدما عليها، وهو مسوغ للابتداء بالنكرة. أبو البقاء:
[ ص: 378 ] وقرأه العامة بالرفع على ما تقدم. وقرأ الحسن بن عبد العزيز وعيسى الثقفي وعيسى الكوفي ومجاهد وأبو حيوة في آخرين "سورة" بالنصب. وفيها أوجه، أحدها: أنها منصوبة بفعل مقدر غير مفسر بما بعده. تقديره: اتل سورة أو اقرأ سورة. والثاني: أنها منصوبة بفعل مضمر يفسره ما بعده. والمسألة من الاشتغال. تقديره: أنزلنا سورة أنزلناها. والفرق بين الوجهين: أن الجملة بعد "سورة" في محل نصب على الأول، ولا محل لها على الثاني. الثالث: أنها منصوبة على الإغراء، أي: دونك سورة. قال ورده الشيخ: بأنه لا يجوز حذف أداة الإغراء، واستشكل الشيخ أيضا على وجه الاشتغال جواز الابتداء بالنكرة من غير مسوغ. ومعنى ذلك: أنه ما من موضع يجوز [فيه] النصب على الاشتغال إلا ويجوز أن يرفع على الابتداء، وهنا لو رفعت "سورة" بالابتداء لم يجز; إذ لا مسوغ. فلا يقال: رجلا ضربته لامتناع: رجل ضربته. ثم أجاب: بأنه إن اعتقد حذف وصف جاز، أي: سورة معظمة - أو موضحة- أنزلناها، فيجوز ذلك. الزمخشري،
الرابع: أنها منصوبة على الحال من "ها" في "أنزلناها". والحال من المكنى يجوز أن تتقدم عليه. قاله وعلى هذا فالضمير في "أنزلناها" ليس عائدا على سورة بل على الأحكام. كأنه قيل: أنزلنا الأحكام سورة من سور القرآن، فهذه الأحكام ثابتة بالقرآن، بخلاف غيرها فإنه قد ثبتت بالسنة. الفراء.
[ ص: 379 ] قوله: "وفرضناها" قرأ ابن كثير بالتشديد. والباقون بالتخفيف. فالتشديد: إما للمبالغة في الإيجاب وتوكيدا، وإما لتكثير المفروض عليهم، وإما لتكثير الشيء المفروض. والتخفيف بمعنى: أوجبناها وجعلناها مقطوعا بها. وأبو عمرو