الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
18337 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا عكرمة [ ص: 321 ] قال: حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: خرجنا مع أبي بكر رضي الله عنه وأمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغزونا فزارة، فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرسنا، فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة ونزلنا على الماء قال سلمة: فنظرت إلى عنق من الناس فيهم الذرية والنساء فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فأخذت في إثارتهم فرميت بسهمي بينهم وبين الجبل فقاموا، فجئت أسوقهم إلى أبي بكر وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم ومعها ابنة لها من أحسن العرب، فنفلني أبو بكر ابنتها، فما كشفت لها ثوبا حتى قدمت المدينة ولم أكشف لها ثوبا، ولقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق، فقال: "يا أبا سلمة، هب لي المرأة"، قلت: يا رسول الله، لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني، حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال: "يا سلمة، هب لي المرأة لله أبوك"، قلت: يا رسول الله، لقد أعجبتني، والله ما كشفت لها ثوبا وهي لك يا رسول الله "، فبعث بها إلى أهل مكة ففدى بها رجالا من المسلمين بأيديهم أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عكرمة بن عمار.

[ ص: 322 ] 18338 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: " فأما الصبيان إذا صاروا إلينا ليس مع واحد منهم واحد من والديه، فلا نبيعهم منهم، ولا نفادي بهم؛ لأن حكمهم حكم آبائهم ما كانوا معهم، فإذا تحولوا إلينا ولا والد مع أحد منهم فإن حكمه حكم مالكه.

18339 - وأما قول أبي يوسف: يقوى بهم أهل الحرب فقد يمن الله عليهم بالإسلام ويدعون إليه ثم قال: أرأيت صلة أهل الحرب بالمال وإطعامهم أليس بأقوى لهم في كثير من الحالات من بيع عبد أو عبدين منهم، وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر، فقالت: إن أمي أتتني وهي راغبة في عهد قريش أفأصلها؟ قال: "نعم".

18340 - وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب فكسا ذا قرابة له مشركا بمكة [ ص: 323 ] .

18341 - وقال الله عز وجل: ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) .

18342 - مع ما وصفت من بيع النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين سبي بني قريظة.

18343 - فأما الكراع والسلاح فلا أعلم أحدا أرخص في بيعها ".

18344 - وذكر الشافعي في القديم في رواية أبي عبد الرحمن عنه حديث الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، أن عمر بن عبد العزيز" فادى بابن بطريق من البطارقة صغيرا ".

18345 - قال: ولو كان بالأخذ يضر مسلما ما حل الفداء به.

18346 - وذكر رواية مبشر الحكمي، عن فرات بن سلمان قال: "كنا نكون مع سليمان بن موسى فيصيب الصبيان من السبي فيموتون فلا يصلي عليهم".

18347 - قال أحمد: المذهب ما ذهب إليه في الجديد، وقد يحتمل أن يكون ابن البطريق سبي مع أمه، وإذا لم يكن معه أبواه ولا أحدهما ولم يكن بد من أن يجعل تبعا لغيره في الدين فاتباعه لسابيه أولى تغليبا لحكم الإسلام، والله أعلم.

[ ص: 324 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية