الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
26 - من يجري عليه الرق؟

17956 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: قد سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وهوازن وقبائل من العرب، وأجرى عليهم الرق حتى من عليهم بعد.

17957 - فاختلف أهل العلم بالمغازي، فزعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أطلق سبي هوازن قال: "لو كان تاما على أحد من العرب سبي لتم على هؤلاء، ولكنه إسار وفداء".

17958 - قال الشافعي: فمن ثبت هذا الحديث زعم أن الرق لا يجري على عربي بحال، وهذا قول الزهري وسعيد بن المسيب والشعبي، ويروى عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز قال الشافعي: أخبرنا سفيان، عن يحيى بن يحيى الغساني، عن عمر بن [ ص: 215 ] عبد العزيز قال: وأخبرنا سفيان، عن رجل، عن الشعبي، أن عمر قال:: "لا يسترق عربي".

17959 - قال: وأخبرنا عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن المسيب، أنه قال في: " المولى ينكح الأمة، يسترق ولده وفي العربي ينكح الأمة: لا يسترق ولده، وعليه قيمتهم ".

17960 - قال الشافعي: ومن لم يثبت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى أن العرب والعجم سواء، وأنه يجري عليهم الرق حيث جرى على العجم، والله أعلم.

17961 - قال الربيع: وبه أخذ الشافعي رحمه الله.

17962 - قال أحمد: وقد ذكر الشافعي في القديم في رواية الزعفراني هذه المسألة وقال: أخبرنا سفيان، عن مطرف، عن الشعبي قال: قال عمر: "لا يسترق عربي" [ ص: 216 ] .

17963 - قال: وأخبرنا سفيان، عن يحيى بن يحيى الغساني، أن عمر بن عبد العزيز، كتب إليه، أن عمر بن الخطاب، "كان فيما يقضي فيما تسابت العرب من الفداء بأربعمائة".

17964 - قال: وأخبرنا الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب، "كان يقضي في العرب الذين ينكحون الإماء في الفداء بالغرة".

17965 - قال الشافعي: وأخبرنا محمد، وأنا أظنه محمد بن عمر الواقدي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبيه، عن السلولي، عن معاذ بن جبل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "لو كان ثابتا على أحد من العرب سبي بعد اليوم ثبت على هؤلاء، ولكن إنما هو إسار وفداء".

17966 - قال الشافعي: " ولا نعلم النبي صلى الله عليه وسلم سبى بعد حنين أحدا، ولا نعلم أبا بكر سبى عربيا من أهل الردة، ولكن أسرهم أبو بكر حتى خلاهم عمر.

17967 - قال: وقد روي شيء عن أبي بكر في سبي بعض العرب وليس بثابت، إنما كان أسرهم، وأحسب أن من قال سباهم إنما ذهبوا إلى هذا، والحجاز عندنا ليس في أهله عربي علمته جرى عليه سبي في الإسلام.

17968 - قال أحمد: أما قبل سبي هوازن فالسبي كان يجري عليهم، والأخبار بذلك ناطقة، ولو صح حديث معاذ كانت الحجة فيه، إلا أن راويه موسى [ ص: 217 ] بن محمد بن إبراهيم وليس بالقوي، والراوي عنه الواقدي وهو ضعيف، ولم أجد هذا اللفظ في شيء من طرق حديث سبي هوازن ، والله أعلم.

17969 - ومن الأحاديث التي ثبتت في جريان الرق عليهم ما ثبت عن عامر الشعبي، عن أبي هريرة، سبى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر محررا من بني إسماعيل كان على عائشة ، فسبي سبي من بلعنبر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن سرك أن تفي بنذرك فأعتقي محررا من هؤلاء"، فجعلهم من بني إسماعيل.

17970 - إلا أن هذا كان قبل سبي هوازن فيما زعم أهل العلم بالمغازي، والله أعلم.

[ ص: 218 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية