الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
18269 - وأخبرنا أبو عبد الله، حدثنا أبو العباس، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، عن أبيه قال: لقد أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، فأسلم أهل مكة كلهم، وذلك قبل أن تفرض الصلاة، حتى إن كان ليقرأ بالسجدة فيسجد فيسجدون " وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام وضيق المكان لكثرة الناس حتى قدم رؤوس قريش، الوليد بن المغيرة، وأبو جهل وغيرهما، وكانوا بالطائف في أرضهم، فقالوا: أتدعون دين آبائكم؟ فكفروا.

18270 - قال أحمد: تفرد به ابن لهيعة، وهو ضعيف [ ص: 302 ] .

18271 - والمشهور عند أهل العلم بالمغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قرأ بالنجم، وألقى الشيطان في أمنيته ما ألقى، وسمعه المشركون سجدوا لسجوده تعظيما لآلهتهم، وفشت تلك الكلمة حتى بلغت أرض الحبشة، وحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم "، وصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا نسخ الله تعالى ما ألقى الشيطان وبرأه من سجعه انقلب المشركون بصلاتهم، فعلى هذا الوجه كان سجودهم، والله أعلم.

18272 - ولو كان الأمر على ما قال لوجب أن يجري الإرث على أصله في دور من مات منهم أو قتل وله إرث مسلم، منهم: عتبة بن ربيعة قتل يوم بدر ، وابنه أبو حذيفة مسلم ، وكذلك غيره ممن أسلم وإرثه وهو كافر.

18273 - وهو لم يجعل شيئا من دور مكة مملوكا، ولو كانوا مرتدين لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمن على أحد منهم يوم بدر ولا يفاديهم، فإن المن والمفاداة غير جائزين في أهل الردة، وقد قال في أسارى بدر : "لو كان مطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له".

18274 - ومثل ذلك لا يجوز في أهل الردة، ولو كانوا أهل ردة لكان لا يجعل لصفوان بن أمية: "تسير أربعة أشهر"، ولا لغيره من الطلقاء، فإن ذلك لا يجوز في أهل الردة، فكل هذا مع غيره مما يطول الكتاب بذكره يدل على خلاف ما ذهب إليه، والله أعلم.

18275 - ثم إن صح أنهم كانوا مرتدين فردتهم كانت قبل نزول الحكم بقتلهم إن لم يسلموا، فصاروا بالردة كأنهم لم يسلموا قط، وعلى حكم سائر الكفار جرت [ ص: 303 ] أحكامهم على أن أهل الردة إذا امتنعوا فعندنا الإمام يحاربهم، وإذا استأمنوه قبل أن يظهر عليهم وهو يرجو إسلامهم فله أن يؤمنهم، وإذا أسلموا كانوا على أملاكهم، فليس فيه شيء يخالف أصلنا بحمد الله ونعمته.

[ ص: 304 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية