الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2 - مبتدأ التنزيل والفرض على النبي صلى الله عليه وسلم ثم على الناس

[ ص: 107 ] [ ص: 108 ] 17609 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله: "لما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنزل عليه فرائضه كما شاء، لا معقب لحكمه".

17610 - ويقال، والله أعلم: إن أول ما أنزل الله عليه من كتابه: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .

17611 - ثم أنزل عليه بعدها ما لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين.

17612 - فمرت لذلك مدة، ثم يقال: أتاه جبريل عليه السلام عن الله بأن يعلمهم نزول الوحي إليه، ويدعوهم إلى الإيمان به، فكبر ذلك عليه، وخاف التكذيب وأن يتناول، فنزل عليه: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) ، فقال: يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حتى تبلغ ما أنزل إليك.

17613 - فبلغ ما أمر به، فاستهزأ به قوم، فنزل عليه: ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين ) .

17614 - وأعلمه من أعلمه منهم أنه لا يؤمن به، فقال: ( وقالوا لن نؤمن لك ) ، الآية، وأنزل الله فيما يثبته به إذ ضاق من أذاهم: ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) [ ص: 109 ] .

17615 - ففرض عليه إبلاغهم وعبادته، ولم يفرض عليه قتالهم، وأبان ذلك في غير آية من كتابه، ولم يأمره بعزلتهم فأنزل عليه: ( قل يا أيها الكافرون ) .

17616 - وذكر سائر الآيات التي وردت في ذلك قال: وأمرهم أن لا يسبوا أندادهم، وذكر الآية.

17617 - قال: ثم أنزل بعد هذا في الحال التي فرض فيها عزلة المشركين فقال: ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم ) ، وقال لمن تبعه: ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) .

[ ص: 110 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية