الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4 - كم الجزية؟

18514 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: قال الله تبارك وتعالى: ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) .

18515 - وكان معقولا أن الجزية شيء يؤخذ في أوقات، وكانت الجزية محتملة للقليل والكثير.

18516 - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله معنى ما أراد، "فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم جزية أهل اليمن دينارا في كل سنة، أو قيمته من المعافري والثياب".

18517 - وكذلك روي أنه أخذ من أهل أيلة، ومن نصارى بمكة : دينارا عن كل إنسان وأخذ الجزية من أهل نجران كسوة، ولا أدري ما غاية ما أخذ منهم.

18518 - وقد سمعت بعض أهل العلم من المسلمين ومن أهل الذمة من أهل نجران يذكر أن قيمة ما أخذ من كل واحد أكثر من دينار وأخذها من أكيدر، ومن مجوس البحرين ، لا أدري كم غاية ما أخذ منهم، ولم أعلم أحدا حكى عنه قط أنه أخذ من أحد أقل من دينار.

[ ص: 372 ] 18519 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرني إسماعيل بن أبي حكيم، عن عمر بن عبد العزيز، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن : "أن على كل إنسان منكم دينارا كل سنة، أو قيمته من المعافر"، يعني أهل الذمة منهم.

18520 - وبهذا الإسناد قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرني مطرف بن مازن، وهشام بن يوسف، بإسناد لا أحفظه غير أنه حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض على أهل الذمة من اليمن دينارا كل سنة، فقلت لمطرف بن مازن: فإنه يقال: وعلى النساء أيضا، فقال: ليس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من النساء ثابتا عندنا.

18521 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: فسألت محمد بن خالد، وعبد الله بن عمرو بن مسلم، وعددا من أهل اليمن ، فكلهم حكى لي عن عدد مضوا قبلهم، يحكون عن عدد مضوا قبلهم كلهم ثقة، " أن صلح النبي صلى الله عليه وسلم لهم كان لأهل اليمن على دينار كل سنة، ولا يثبتون أن النساء كن فيمن يؤخذ منه الجزية.

18522 - وقال عامتهم: ولم تؤخذ من زروعهم، وقد كانت لهم زروع، ولا من مواشيهم شيئا علمناه.

18523 - وقال لي بعضهم: قد جاءنا بعض الولاة فخمس زروعهم، أو أرادها، فأنكر ذلك عليه.

18524 - وكل من وصفت أخبرني أن عامة ذمة أهل اليمن من حمير [ ص: 373 ] .

18525 - قال: وسألت عددا كبيرا من ذمة أهل اليمن مفترقين في بلدان، وكلهم أثبت لي، لا يختلف قولهم - أن معاذا أخذ منهم دينارا عن كل بالغ منهم، وسموا البالغ حالما، قالوا: وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم مع معاذ: أن على كل حالم دينارا.

18526 - قال أحمد: وهذا الذي حكاه الشافعي عن أهل اليمن من أمر معاذ موافق لما أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر" وقد أخرجاه في كتاب الزكاة من حديث الأعمش عن أبي وائل.

18527 - وذكر الشافعي في القديم حديث أبي بكر بن عياش ، وذكر حديث الأعمش.

18528 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا إبراهيم بن محمد [ ص: 374 ] ، عن أبي الحويرث، أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصراني بمكة يقال له: موهب، دينارا كل سنة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصارى أيلة ثلاثمائة دينار كل سنة، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثا، ولا يغشوا مسلما ".

18529 - وبهذا الإسناد قال: أخبرنا الشافعي، أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثنا إسحاق بن عبد الله، أنهم كانوا يومئذ ثلاثمائة، فضرب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة دينار كل سنة.

18530 - قال الشافعي في رواية أبي سعيد وحده: ثم صالح أهل نجران على حلل يؤدونها إليه، فدل صلحه إياهم على غير الدنانير على أنه يجوز ما صالحوا عليه.

18531 - قال أحمد روينا عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي، عن ابن عباس قال: "صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر، والنصف في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعا، وثلاثين فرسا، وثلاثين بعيرا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد، على أن لا تهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنون عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا" أخبرناه أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود ، حدثنا مصرف بن عمرو، حدثنا يونس - يعني ابن بكير، حدثنا أسباط بن نصر، عن إسماعيل، فذكره.

18532 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: وصالح عمر بن الخطاب أهل الشام على أربعة دنانير " [ ص: 375 ] .

18533 - وروى عنه بعض الكوفيين أنه صالح الموسر من ذمتهم على ثمانية وأربعين، والوسط على أربعة وعشرين، والذي دونه على اثني عشر فلا بأس بما صالح عليه أهل الذمة، وإن كان أكثر من هذا، إذا كان العقد على شيء مسمى بعينه.

18534 - وذكر في القديم في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه حديث روح بن عبادة السهمي، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مجلز، أن عمر بن الخطاب، " جعل على الغني من أهل الذمة ثمانية وأربعين، وعلى الوسط أربعة وعشرين، وعلى الفقير اثني عشر درهما ".

18535 - وذكر حديث ابن علية، عن أيوب، عن نافع، عن أسلم، أن عمر بن الخطاب " ضرب على أهل الشام أربعة دنانير ومدين من قمح، وعلى أهل مصر أربعة دنانير وإردبا من قمح، وعلى أهل العراق أربعين درهما وخمسة عشر صاعا من حنطة ".

18536 - وذكر حديث شبابة، عن شعبة، عن الحكم، عن عمرو بن ميمون، أن عمر بن الخطاب قال لعثمان بن حنيف: "والله لا تجهدهم إن أخذت من كل جريب قفيزا ودرهما، وكان عليهم ثمانية وأربعون فجعلها خمسين" [ ص: 376 ] .

18537 - قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، أن عمر، كان إذا استغنى أهل السواد زاد عليهم، وإذا افتقروا وضع عنهم.

18538 - وهذا منقطع، وكذلك حديث أبي مجلز.

18539 - قال الشافعي في القديم بعد بسط الكلام على هذه الأخبار: وذلك أن عمر لم يصالح أهل السواد على شيء معلوم إلا أهل الحيرة فإنهم صولحوا على شيء معلوم، صالحهم عليه خالد بن الوليد فلم يزد فيه ولم ينقص منه.

[ ص: 377 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية