الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
21 - أخذ السلاح وغيره بغير إذن الإمام

17885 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: وقال الأوزاعي في السلاح يأخذه من الغنيمة: "يقاتل به ما كان الناس في معمعة القتال، ولا ينتظر برده الفراغ من الحرب فيعرضه للهلاك وانكسار ثمنه في طول مكثه في دار الحرب".

17886 - وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياك وربا الغلول أن تركب الدابة حتى يحسر قبل أن ترد إلى المغنم، أو تلبس الثوب حتى يخلق قبل أن يرد إلى المغنم".

17887 - قال الشافعي: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو نزعت سهما من جنبك في بلاد العدو ما كنت بأحق به من أخيك".

17888 - قال أحمد: الحديث الذي ذكره الشافعي قد مضى بإسناده في كتاب [ ص: 192 ] القسم، وأما الحديث الذي احتج به الأوزاعي فمعناه فيما رواه محمد بن إسحاق قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق مولى تجيب، عن حنش الصنعاني، عن رويفع بن ثابت الأنصاري قال: قام فينا خطيبا فقال: إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال: قال عليه السلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره - يعني إتيان الحبالى من الفيء - ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصيب امرأة من السبي حتى يستبرئها بحيضة، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيع مغنما حتى يقسم، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه" أخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود ، حدثنا سعيد بن منصور وغيره قالا: حدثنا أبو معاوية، عن محمد فذكره.

17889 - قال أبو داود: الحيضة ليست بمحفوظة.

17890 - قال أحمد: رواه غيره عن ابن إسحاق، فلم يذكرها أخبرناه أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: قال أبو يوسف: " هذا الحديث عندنا على من يفعل ذلك هو عنه غني، يبقي بذلك على دابته أو على ثوبه، أو يأخذ ذلك يريد به الخيانة.

17891 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: وكيف يحل هذا مادام في المعمعة، ويحرم بعد ذلك؟ وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغنم الغنيمة فيها الطعام فيأكل أصحابه منها، إذا احتاج رجل جاء فأخذ حاجته، فحاجة الناس إلى السلاح في دار الحرب وإلى الدواب والثياب أشد من حاجتهم إلى الطعام " [ ص: 193 ] .

17892 - وذكر حديث أبي إسحاق الشيباني، عن محمد بن أبي المجالد، عن عبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر يأتي أحدنا إلى الطعام من الغنيمة فيأخذ حاجته ".

17893 - قال الشافعي: إن كان أبو يوسف إنما جعل السلاح والدواب والثياب قياسا على الطعام، فمن أخذ الطعام من غني يجد ما يشتري به طعاما وفقير لا يجده سواء يحل لهم أكله وأكله استهلاك له، وهو إذا قاس السلاح والدواب عليه جعل له أن يستهلك السلاح والدواب كما يستهلك الطعام، ويتفكه بركوب الدواب كما يتفكه بالطعام.

17894 - وبسط الكلام في هذا إلى أن قال: وما أعلم ما قال الأوزاعي إلا موافقا للسنة معقولا؛ لأنه يحل في حال الضرورة الشيء، فإذا انقضت الضرورة لم يحل.

[ ص: 194 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية