الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
18076 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة، أخبرنا أبو عمرو السلمي، أخبرنا محمد بن إبراهيم، حدثنا ابن بكير، حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث جيوشا إلى الشام ، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر الصديق: إما أن تركب، وإما أن أنزل، فقال له أبو بكر: ما أنت بنازل، وما أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله، ثم قال: " إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف، وإني [ ص: 250 ] موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن ".

18077 - وبمعناه رواه صالح بن كيسان، وأبو عمران الجوني، ويزيد بن أبي مالك الشامي، عن أبي بكر، وكل ذلك منقطع.

18078 - ورواه ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بكر.

18079 - فهذا وإن كان أيضا منقطعا، فمراسيل ابن المسيب أقوى من مراسيل غيره، إلا أن أحمد بن حنبل كان يقول: هذا حديث منكر ولم أقف على المعنى الذي لأجله أنكره، وكان ابنه عبد الله يزعم أنه كان ينكر أن يكون ذلك من حديث الزهري، والله أعلم.

18080 - وفي كل هذه الروايات ذكر الشيخ الكبير، فإن كان يتبع أبا بكر في الرهبان فليدفعه أيضا في الكبير وحديث دريد بن الصمة يشبه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما لم ينكر قتله لما كان فيه من رأي الحرب وتدبير القتال.

18081 - وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى ما روي عن أبي بكر، وأسانيده غير قوية.

[ ص: 251 ] 18082 - قال الشافعي في القديم في رواية أبي عبد الرحمن عنه: وقد روى أصحابنا عن أبي الزناد، عن المرقع، عن رباح أخي حنظلة، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى خالد أن لا يقتل عسيفا ".

18083 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، عن أبي الزناد، فذكره في حديث أتم منه، وقال لرجل: " الحق خالد بن الوليد: فلا تقتلن ذرية ولا عسيفا ".

18084 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن حميد، أن الجلاب، حدثنا هلال بن العلاء، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا عمر بن المرقع بن صيفي بن رباح بن الربيع، أخي حنظلة الكاتب قال: سمعت أبي يحدث، عن جدي رباح بن الربيع قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فرأى ناسا مجتمعين على شيء فقال: "على ما اجتمع هؤلاء؟" فقالوا: على امرأة مقتولة، فقال: "ما كانت هذه لتقاتل وخالد بن الوليد على المقدمة" قال: فبعث رجلا فقال: "قل لخالد لا يقتلن ذرية، ولا عسيفا".

18085 - رواه أبو داود في كتاب السنن عن أبي الوليد، إلا أنه قال: "لا تقتلن امرأة ولا عسيفا" [ ص: 252 ] .

18086 - وهذا إسناد لا بأس به إلا أن الشافعي قال: لست أعرف مرقعا هذا، ومرقع هو ابن صيفي بن رباح بن الربيع، ويقال: ابن رياح.

18087 - قال البخاري : رياح أصح، روى عنه هذا الحديث موسى بن عقبة، وأبو الزناد، وابنه عمر.

18088 - وأقام إسناده عن أبي الزناد ابنه، والمغيرة بن عبد الرحمن.

18089 - ورواه الثوري عن أبي الزناد، عن مرقع، عن حنظلة الكاتب.

18090 - قال البخاري : وهو وهم.

18091 - قال الشافعي: وقد روى عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن رجل، عن أبيه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل العسفاء والوصفاء".

18092 - وهذا كالذي ذكرنا قبله من المجهول.

18093 - قال أحمد: وهكذا رواه حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، ووهيب بن خالد، عن أيوب السختياني، عن رجل، عن أبيه، وهو مجهول كما قال الشافعي .

18094 - وروى إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع" [ ص: 253 ] .

18095 - وإبراهيم بن إسماعيل غير محتج به.

18096 - وأخرج أبو داود في كتاب السنن حديث حسن بن صالح، عن خالد بن الفزر قال: حدثني أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا، ولا صغيرا، ولا امرأة".

18097 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا حسن بن صالح، عن خالد - يعني ابن الفزر البصري - قال: حدثني أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "انطلقوا بسم الله، وبالله، وعلى سنة رسول الله، فقاتلوا أعداء الله في سبيل الله، قتلاكم أحياء مرزقون في الجنان، وقتلاهم في سبيل الله، لا تقتلن شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين".

[ ص: 254 ] 18098 - وأخرج أبو داود في مقابلته حديث حجاج بن أرطأة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخهم".

18099 - وقد أخبرناه الحسن بن محمد بن حبيب، من أصله قال: حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا الحسن بن علي بن بحر أبو سعيد، حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا هشيم، عن الحجاج، فذكره وقال في آخره: يعني الصغار والذرية.

18100 - فإذا كان المراد بالشرخ الصغار والذرية، فالمراد بالشيوخ في مقابلهم: الرجال البالغين.

18101 - والحجاج بن أرطأة غير محتج به.

18102 - والحسن عن سمرة، منقطع في غير حديث العقيقة فيما ذهب إليه بعض أهل العلم بالحديث، والله أعلم.

18103 - وروينا عن عمر بن الخطاب، أنه قال: "اتقوا الله في الفلاحين، ولا تقتلوهم إلا أن ينصبوا لكم الحرب".

[ ص: 255 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية