الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
37 - الخروج إلى دار الحرب غازيا بغير إذن الإمام والتقدم على جماعة المشركين والأغلب أنهم سيقتلونه

18131 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي رحمه الله قال: " أستحب أن لا تخرجوا إلا بإذن الإمام بخصال فذكر مبسوط ما اختصره المزني ثم قال: فأما أن يكون ذلك يحرم عليهم فلا أعلمه يحرم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة فقال له رجل من الأنصار: إن قتلت صابرا محتسبا؟ فقال: "فلك الجنة"، فانغمس في جماعة العدو فقتلوه.

18132 - وألقى رجل من الأنصار درعا كانت عليه حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجنة، ثم انغمس في العدو فقتلوه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

18133 - وأن رجلا من الأنصار تخلف عن أصحاب بئر معونة فرأى الطير عكوفا على مقتله أصحابه، فقال لعمرو بن أمية: سأتقدم على هؤلاء العدو [ ص: 265 ] فيقتلوني ولا أتخلف عن مشهد قتل فيه أصحابنا، ففعل فقتل، فرجع عمرو بن أمية فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه قولا حسنا، ويقال: فقال لعمرو: "فهلا تقدمت فقاتلت حتى تقتل؟".

18134 - وقال في موضع آخر في هذا الإسناد: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري ورجلا من الأنصار سرية وحدهما، وبعث عبد الله بن أنيس سرية وحده.

18135 - قال الشافعي في الموضع الأول: فإذا حل للرجل المنفرد أن يتقدم على الجماعة الأغلب عنده وعند من رآه أنها ستقتله، كان هذا أكبر مما في انفراد الرجل والرجال بغير إذن الإمام.

18136 - وقد بسط الشافعي الكلام في قتال الواحد جماعة من المشركين في كتاب القديم في رواية أبي عبد الرحمن عنه، وانتهى كلامه إلى أن قال: فإن كان يرجو النجاة بالحال التي قد ينجو مثله بها فله ذلك، وهو مثل أن يقاتل عشرة فقد يهزم الواحد العشرة وما أشبه ذلك، وما كان من ذلك مما لا ينجو منه فليس ذلك له؛ لأنه بمنزلة من ألقى بنفسه في نار أو بحر يحيط علمه أنه لا ينجو منه [ ص: 266 ] .

18137 - فإن قالوا: قد بارز عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح جماعة من المشركين فقاتلهم فلم يعبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل ذلك غير واحد في زمان عمر فلم يعب. قال الشافعي: عاصم بن ثابت قد كان علم أن القوم قاتلوه لأنه كان قتل يوم أحد جماعة من بني عبد الدار، فجعلت أمهم لله عليها نذرا أن تشرب في رأسه الخمر، فلما لقي عاصم القوم علم أنهم قاتلوه ليأتوا برأسه المرأة، فصوبا به فقاتلهم على الإياس من الحياة.

18138 - وكذلك نقول فيمن كان يعلم أنه سيقتل، ولعله قبل أن يقتل يقتل من المشركين ويغيظهم ".

[ ص: 267 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية