الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
17928 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، أن هبار بن الأسود، كان قد أصاب زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 206 ] سرية فقال: "إن ظفرتم بهبار فاجعلوه بين حزمتين من حطب ثم أحرقوه"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله ما ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله، إن ظفرتم به فاقطعوا يده ثم رجله".

17929 - وهذا منقطع وقوله أصابها بشيء يريد خروجه خلفها حين خرجت من مكة ، وردها حتى سقط بها بعيرها، وأسقطت لذلك سقطا.

17930 - وقد ذكر الشافعي في القديم في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه حديث الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن سليمان بن يسار ، عن أبي هريرة، أنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث وقال: "إن وجدتم فلانا وفلانا - لرجلين من قريش - فأحرقوهما بالنار"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: "إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما" [ ص: 207 ] أخبرناه أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود ، حدثنا قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، بهذا الحديث رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة وذكر أيضا في رواية أبي عبد الرحمن حديث حمزة بن عمرو الأسلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى.

17931 - وذكر حديث ابن علية، عن يونس، عن الحسن، عن عمران بن حصين، وسمرة قالا: "ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة".

17932 - وحديث بريدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية قال: "لا تمثلوا" [ ص: 208 ] .

17933 - وحديث عبد الله بن يزيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن المثلة" وحديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن صبر الروح".

17934 - وحديث ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا".

17935 - وحديث ابن عمر : أنه مر بقوم قد نصبوا دجاجة وهم يرمونها، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا".

17936 - وحديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن تصبر البهائم" [ ص: 209 ] .

17937 - وحديث هني بن نويرة: أن ابن مكعبر مثل به، فقال علقمة: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أعف الناس قتلة أهل الإيمان".

17938 - وحديثه عن ابن علية، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم مديته، وليرح ذبيحته".

17939 - وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث في كتاب السنن.

17940 - قال الشافعي: " والمثلة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أن تقطع أيدي المشركين إذا أسروا، وتجدع آذانهم وأنوفهم، وقد فعل ذلك أبو سفيان يوم أحد فمثل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأمثلن بكذا وكذا منهم" قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك عن المثلة " [ ص: 210 ] .

17941 - قال أحمد: روينا في حديث روي عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين رأى حمزة: "لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم"، فأنزل الله عز وجل: ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل نصبر يا رب".

17942 - قال الشافعي: "المثلة واتخاذ ما فيه الروح غرضا وإحراق أهل الشرك بالنار لا يحل فعل ذلك بهم بعد أن يؤسروا، ويحل أن يقاتلوا فيرموا بالنبل والحجارة ويشهب النار وكل ما فيه دفع لهم عن حرب المسلمين ومعونة لأهل الإسلام عليهم وقد أباح الله رمي الصيد بالنبل ما كان ممتنعا، فإذا أخذ فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ عرضا يرمى، وأمر أن يذبح أحسن الذبح، والآدمي في ذلك أكثر من الصيد، وبسط الكلام فيه".

[ ص: 211 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية