الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15 - باب الرجل يجد مع امرأته الرجل فيقتله

17544 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن سعدا قال: يا رسول الله: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا، أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم".

[ ص: 85 ] 17545 - وبإسناده قال: أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أن رجلا من أهل الشام ، يقال له: ابن خيبري، وجد مع امرأته رجلا فقتله، أو قتلها، فأشكل على معاوية القضاء فيها، فكتب معاوية إلى أبي موسى يسأل له عن ذلك علي بن أبي طالب، فسأل أبو موسى عن ذلك علي بن أبي طالب، فقال له علي بن أبي طالب: إن هذا الشيء ما هو بأرضنا، عزمت إليك لتخبرني، فقال أبو موسى: كتب إلي في ذلك معاوية، فقال علي : "أنا أبو حسن" إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته ".

17546 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، فيما بلغه، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم، عن أبي المغيرة في قوم دخلوا على امرأة في دار قوم، فخرج إليهم بعض أهل الدار فقتلوهم، فأصبحوا وقد جاءت عشائرهم إلىعلي، فرفعوهم إليه، فقال علي : وما جمع هؤلاء في دار واحدة ليلا؟ - وقال بيده فقلبها ظهرا لبطن - ثم قال: لصوص قتل بعضهم بعضا، قوموا فقد أهدرت دماؤهم " فقال الحسن: إن أضمن هذه الدماء؟ فقال: أنت "أعلم بنفسك".

17547 - قال الشافعي: وليسوا يقولون بهذا [ ص: 86 ] .

17548 - أما نحن فنروي عن علي، أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله، فسئل علي فقال: "إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته" أخبرنا بذلك مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب.

17549 - وبهذا نقول نحن وهم، إلا أنهم يقولون في اللص يدخل دار رجل فيقتله ينظر إلى المقتول، فإن لم يكن يعرف باللصوصية قتل القاتل، وإن كان يعرف باللصوصية درئ عن القاتل القتل، وكانت عليه الدية، وهذا خلاف ما رووا عن علي كله.

17550 - قال في موضع آخر: فيما قرأنا على أبي سعيد قال: روينا عن عمر بن الخطاب، أنه أهدره وقال: هذا قتيل الله، والله لا يودى أبدا.

17551 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف الأصبهاني، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن عمير، أن رجلا أضاف ناسا من هذيل فذهبت جارية لهم تحتطب، فأرادها رجل منهم على نفسها، فرمته بفهر فقتلته، فرفع ذلك إلى عمر فقال: "ذاك قتيل الله، والله لا يودى أبدا".

17552 - قال الشافعي: وهذا عندنا من عمر أن البينة قامت عنده على المقتول، أو على أن ولي المقتول أقر عنده بما وجب له أن يقتل المقتول [ ص: 87 ] .

17553 - قال الشافعي: وأنت تخالف ظاهره، عمر لم يسأل أن يعرف المقتول بالزنا أم لا، ولم يجعل فيه دية، وأنت تجعل فيه دية.

17554 - قال: فإني إنما قسته على حكم لعمر بن الخطاب: روى عمرو بن دينار، أن عمر كتب في رجل من بني شيبان قتل نصرانيا من أهل الحيرة: إن كان القاتل معروفا بالقتل فاقتلوه، وإن كان غير معروف بالقتل فدوه ولا تقتلوه.

17555 - فقلت: وهذا غير ثابت عن عمر، وإن كان ثابتا عندك أفتقول به؟.

17556 - قال: لا، بل يقتل القاتل للنصراني كان معروفا بالقتل أو غير معروف به.

17557 - قلت له: أو يجوز لأحد ينسب إلى شيء من العلم أن يزعم أن قضية رواها عن رجل ليست عنده كما قضى به ثم يقيس عليها.

17558 - قال الشافعي: وقلت له: ويخطئ القياس الذي رويته عن عمر أنه أمر أن ينظر في حال القاتل أمعروف بالقتل فيقاد منه، أو غير معروف به فرفع عنه القود، وأنت لم تنظر في السارق إلى القاتل إنما نظرت إلى المقتول، وبسط الكلام في هذا.

[ ص: 88 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية