الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12 - باب النفير

[ ص: 142 ] 17706 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ) .

17707 - قال الشافعي: "وبين إذ وعد الله القاعدين غير أولي الضرر الحسنى أنهم لا يأثمون بالتخلف، ويوعدن الحسنى في التخلف [ ص: 143 ] ، بل وعدهم لما وسع عليهم من التخلف، الحسنى إن كانوا مؤمنين لم يتخلفوا شكا ولا سوء نية، وإن تركوا الفضل في الغزو" وأبان الله جل ثناؤه في قوله في النفير: ( انفروا خفافا وثقالا ) ، وقال: ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) .

17708 - وقال: ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) ، فأعلمهم أن فرضه الجهاد على الكفاية من المجاهدين.

17709 - قال الشافعي: ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة علمتها إلا تخلف فيها عنه بشر، فغزا بدرا وتخلف عنه رجال معروفون.

17710 - وكذلك تخلف عنه عام الفتح وغيره من غزواته وقال في غزاة تبوك وفي تجهيزه للجمع للروم: "ليخرج من كل رجلين رجل، فيخلف الباقي الغازي في أهله وماله" [ ص: 144 ] .

17711 - وقال في موضع آخر: وخلف آخرين، حتى خلف علي بن أبي طالب في غزاة تبوك قال: هاهنا.

17712 - وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيوشا وسرايا تخلف عنها بنفسه مع حرصه على الجهاد.

17713 - قال الشافعي: فدل كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن فرض الجهاد إنما هو على أن يقوم به من فيه كفاية للقيام به.

17714 - قال الشافعي: وأبان أن لو تخلفوا معا أثموا معا بالتخلف لقوله: ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) يعني، والله أعلم، إلا أن تركتم النفير كلكم عذبتكم.

17715 - وبسط الكلام فيه في موضع آخر، وجعله شبيها بالصلاة على الجنازة ورد السلام وغير ذلك من فرائض الكفايات ".

[ ص: 145 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية