الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
36 - كيف الأمان؟ ومن نزل على حكم مسلم من أهل القناعة والثقة

18118 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا الثقفي، عن حميد، عن أنس بن مالك قال: حاصرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر، فقدمت به على عمر فلما انتهينا إليه قال له عمر: "تكلم" قال: كلام حي أم كلام ميت؟ قال: "تكلم [ ص: 261 ] لا بأس" قال: إنا وإياكم معشر العرب، ما خلى الله بيننا وبينكم، كنا نتعبدكم ونقتلكم ونغصبكم، فلما كان الله معكم لم يكن لنا يدان، فقال عمر: "ما تقول؟" فقلت: يا أمير المؤمنين، تركت بعدي عدوا كثيرا، وشوكة شديدة، فإن قتلته ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم، فقال عمر: "أستحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور؟" فلما خشيت أن يقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل؛ قد قلت له: تكلم لا بأس، فقال عمر: "ارتشيت وأصبت منه"، فقلت: والله ما ارتشيت ولا أصبت قال: لتأتيني على ما شهدت به بغيرك أو لأبدأن بعقوبتك، قال: فخرجت فلقيت الزبير بن العوام فشهد معي، وأمسك عمر وأسلم - يعني الهرمزان - وفرض له ".

18119 - قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وقبول من قبل من الهرمزان أن ينزل على حكم عمر يوافق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل من بني قريظة حين حصرهم وجهدتهم الحرب أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ.

18120 - قال: وقول عمر يرحمه الله: لتأتيني بمن يشهد على ذلك غيرك، يحتمل أن لم يذكر ما قال للهرمزان أن لا يقبل إلا بشاهدين، ويحتمل أن يكون احتياطا كما احتاط في الإخبار، ويحتمل أن يكون في يديه فجعل الشاهد غيره لأنه دافع عن من في يديه، وأشبه ذلك عندنا أن يكون احتياطا، والله أعلم.

18121 - قال الشافعي: ولا قود على قاتل أحد بعينه لأن الهرمزان قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور، فلم ير عمر عليه قودا، وقول عمر في هذا موافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءه قاتل حمزة مسلما فلم يقتله به قودا [ ص: 262 ] .

18122 - واحتج في موضع آخر في روايتنا عن أبي عبد الله بإسناده عن الشافعي بقول الله عز وجل: ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، وما سلف: ما انقضى وذهب.

18123 - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يجب ما كان قبله".

18124 - قال أحمد: وهذا في حديث عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى عنه ثابتة: "أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟".

التالي السابق


الخدمات العلمية