الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
49 - باب وقوع الرجل قد شهد الحرب على الجارية من السبي قبل القسم

18285 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: قال الأوزاعي : " كان من سلف من علمائنا يقيمون عليه أدنى الحدين: مائة جلدة، ومهرها، وقيمة عدل، فيلحقونها وولدها به الذي له فيها من الشرك ".

18286 - قال أبو يوسف: إن كان له فيها نصيب على ما قال الأوزاعي فلا حد عليه فيما بلغنا عن ابن عمر أنه قال في جارية بين اثنين وطأها أحدهما، أنه قال: "لا حد عليه، وعليه العقر".

18287 - قال: وحدثنا أبو حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم، عن عمر بن الخطاب، أنه قال: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، وإذا وجدتم لمسلم مخرجا فادرؤوا عنه الحد".

18288 - قال أبو يوسف: وبلغنا نحوا من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتج بهذا في سقوط الحد [ ص: 309 ] .

18289 - ثم ساق كلامه إلى أنه لا يثبت للولد نسب، ولا يؤخذ منه مهر؛ لأنه زنى، ويدرأ عنه الحد.

18290 - قال الشافعي: ما علمت أبا يوسف احتج بحرف في هذا إلا عليه، فإن زعم أن الواقع على الجارية من الجيش له فيها شرك فابن عمر قال في الرجل يقع على الجارية بينه وبين آخر: عليه العقر، ويدرأ عنه الحد ونحن وهو نلحق به الولد، وإن جعله زانيا كما قال لزمه أن يحد حد الزنا، فجعله زانيا غير زان وقياسا على شيء، وخالف بينهما.

18291 - والأوزاعي ذهب في أدنى الحدين إلى شيء روي عن عمر رضي الله عنه في مولاة لحاطب زنت فاستهلت بالزنا، فرأى أنها تجهله وهي ثيب، فضربها مائة وهي ثيب، وبسط الكلام في المسألة.

18292 - وقد قال في روايتنا عن أبي سعيد ، وحده في موضع آخر: أخذ منه عقرها وردت في المغنم، فإن كان من أهل الجهالة نهي، وإن كان من أهل العلم عزر، ولا حد من قبل الشبهة في أنه ملك منها شيئا، وإنما قصد بما قال هاهنا إيلاء عذر الأوزاعي فيما قال من أدنى الحدين، والله أعلم.

18293 - وقد روى قتادة، عن داود بن أبي عاصم، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في رجل غشي جارية بينه وبين رجل قال: "يجلد مائة سوط، وتقوم وولدها بأعلى القيمة".

[ ص: 310 ] 18294 - وأنبأني أبو عبد الله، إجازة قال: حدثنا أبو الوليد الفقيه، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان قال: بلغنا أن عمر، أتي بجارية كانت بين رجلين، فوقع عليها أحدهما فحملت، قال: "تقوم عليه".

18295 - قال: وحدثنا أبو بكر، حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عمير بن نمير قال: سئل عمر بن الخطاب عن جارية كانت بين رجلين فوقع عليها أحدهما، فقال: "ليس عليه حد، تقوم عليه قيمة ويأخذها".

18296 - وهذا يحتمل أن يكون في الجارية إذا حملت منه، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية