الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
17794 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: قال الأوزاعي : "قد كانت تجتمع الطائفتان من المسلمين بأرض الروم لا تشارك واحدة منهما صاحبتها في شيء أصابت من الغنيمة" .

17795 - وقال أبو يوسف: حدثنا الكلبي، وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه بعث أبا عامر الأشعري يوم حنين إلى أوطاس، فقاتل بها من هرب من حنين، وأصاب المسلمون يومئذ سبايا وغنائم، فلم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من غنائم أهل حنين أنه "فرق بين أهل أوطاس وأهل حنين، ولا نعلم إلا أنه جعل ذلك غنيمة واحدة وفيئا واحدا".

17796 - قال أبو يوسف: وحدثنا المجالد، عن عامر، وزياد بن علاقة، أنه [ ص: 167 ] كتب إلى سعد بن أبي وقاص: "قد أمددتك بقوم، فمن أتاك منهم قبل أن تتفقأ القتلى فأشركهم في الغنيمة".

17797 - وعن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه "بعث عكرمة بن أبي جهل في خمس مائة من المسلمين مددا لزياد بن لبيد وللمهاجر بن أبي أمية، فوافقهم الجند قد افتتحوا البخير باليمن فأشركهم زياد بن لبيد، وهو ممن شهد بدرا في الغنيمة".

17798 - قال الشافعي: احتج أبو يوسف بأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا عامر إلى أوطاس فغنم غنائم فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من كان مع أبي عامر وبين من كان متخلفا مع النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي عامر.

17799 - وهذا كما قال، وليس مما قال الأوزاعي وخالفه هو فيه بسبيل: أبو عامر كان في جيش النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بحنين، فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في أتباعهم، وهذا جيش واحد كل فرقة منهم رد للأخرى، وإذا كان الجيش هكذا فلو أصاب الجيش شيئا دون السرية، أو السرية شيئا دون الجيش، كانوا فيه شركاء.

17800 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: فأما جيشان متفرقان فلا يرد كل واحد منهما على صاحبه شيئا، وليسا بجيش واحد، ولا أحدهما رد لصاحبه مقيم له وعليه [ ص: 168 ] .

17801 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: وأما ما احتج به من حديث مجالد فهذا غير ثابت عن عمر، ولو ثبت عنه كنا أسرع إلى قبوله منه، وهو إن كان يثبته فهو محجوج به لأنه يخالفه، فهو يزعم أن الجيش لو قتلوا قتلى، وأحرزوا غنائمهم بكرة، وأخرجوا الغنائم إلى بلاد الشام عشية وجاءهم المدد والقتلى يشخطون في دمائهم لم يشركوهم، ولو قتلوهم فنفقوا وجاؤوا والجيش في بلاد العدو، وقد أحرزوا الغنائم بعد القتل بيوم، وقبل مقدم المدد بأشهر شركوهم، فخالف عمر في الأول والآخر واحتج به.

17802 - فأما ما روي عن زياد بن لبيد، وأنه أشرك عكرمة بن أبي جهل، فإن زيادا كتب فيه إلى أبي بكر، فكتب أبو بكر: "إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة" ولم ير لعكرمة شيئا لأنه لم يشهد الوقعة، فكلم زياد أصحابه فطابوا أنفسا بأن أشركوا عكرمة وأصحابه متطوعين عليهم.

17803 - وهذا قولنا، وهو يخالفه، ويروي عنه خلاف ما رواه أهل العلم بالردة.

[ ص: 169 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية