الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
18 - مهادنة من يقوى على قتاله

18670 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله: " لما قوي أهل الإسلام أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك: ( براءة من الله ورسوله ) فأرسل بهذه الآيات مع علي بن أبي طالب فقرأها على الناس في الموسم، وكان فرضا أن لا يعطي لأحد مدة بعد هذه الآيات إلا أربعة أشهر؛ لأنها الغاية التي فرضها الله عز وجل، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم لصفوان بن أمية بعد فتح مكة أربعة أشهر لم أعلمه زاد أحدا بعد إذ قوي المسلمون على أربعة أشهر فقيل: كان الذين عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم قوما موادعين إلى غير مدة معلومة، فجعلها الله تعالى أربعة أشهر، ثم جعلها رسوله صلى الله عليه وسلم كذلك.

18671 - وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في قوم عاهدهم إلى مدة قبل نزول الآية أن يتم إليهم عهدهم إلى مدتهم ما استقاموا له، ومن خاف منه خيانة نبذ إليه أن يستأنف مدة بعد نزول الآية، وبالمسلمين قوة أكبر من أربعة أشهر لما وصفت من فرض الله فيهم وما جعل رسوله صلى الله عليه وسلم " قال: ولا أعرف كم كانت مدة النبي صلى الله عليه وسلم، ومدة من أمر أن يتم إليه عهده إلى مدته "، وبسط الكلام فيه.

[ ص: 412 ] 18672 - قال أحمد: إنما بلغني في هذا ما: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محبوب الدهان، أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد، حدثنا يوسف بن بلال، حدثنا محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في التفسير قال: "أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينظر، فمن كان عهده أربعة أشهر أن يقره إلى أن يمضي أربعة أشهر من يوم النحر، ومن كان له من العهد أكبر من أربعة أشهر، ومن كان له من العهد أقل من أربعة أشهر أن يرفعه له فيجعله أربعة أشهر، ومن لم يكن له عهد أن يجعله خمسين ليلة إلا حيا واحدا من بني كنانة ثم من بني ضمرة، كان بقي لهم من عهدهم تسعة أشهر لم ينقضوه، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتم إليهم عهدهم إلى مدتهم، وكانوا عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة التي أخليت له فيها مكة بعد الحديبية بسنة، عاهدوه في تلك الأيام عند البيت".

18673 - قال الشافعي: ولا خير في أن يعطيهم المسلمون شيئا بحال على أن يكفوا عنهم، واستثنى حال الضرورة، واحتج بحديث عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم فدا رجلا برجلين.

18674 - واحتج أصحابنا بما ذكر محمد بن إسحاق بن يسار، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى عيينة بن حصن، والحارث بن عوف قائدي غطفان في حرب الخندق فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا ومن معهما ليكسر عن أصحابه شوكتهم حين رميهم العرب عن قوس واحدة حتى سمع من سعد بن معاذ قوله: والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال: "فأنت وذاك"، فتناول سعد الصحيفة فمحاها [ ص: 413 ] وذلك قبل عزيمة الصلح " أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، فذكره في قصة طويلة.

[ ص: 414 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية