56 - باب السواد وحكم ما نفقه الإمام من الأرض للمسلمين
18362 - أخبرنا حدثنا أبو سعيد، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، رحمه الله قال: " ولا أعرف ما أقول في أرض السواد إلا ظنا مقرونا إلى علم. الشافعي،
18363 - وذلك أني وجدت أصح حديث يرويه الكوفيون عندهم في السواد ليس فيه بيان.
18364 - ووجدت أحاديث من أحاديثهم يخالفه. منها أنهم يقولون: السواد صلح، ويقولون: ويقولون: بعض السواد صلح، وبعضه عنوة، ويقولون: إن السواد عنوة، جريرا البجلي، وهذا أثبت حديث عندهم فيه ".
18365 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا وأبو سعيد، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الثقة، أخبرنا الشافعي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كانت جرير بن عبد الله بجيلة ربع الناس فقسم لهم ربع السواد، فاستغلوه ثلاثا أو أربع سنين - أنا شككت - ثم [ ص: 329 ] قدمت على ومعي فلانة بنت فلان - امرأة منهم قد سماها لا يحضرني ذكر اسمها - فقال عمر بن الخطاب : "لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما قسم لكم، ولكني أرى أن تردوا على الناس". عمر بن الخطاب
18366 - وأخبرنا حدثنا أبو سعيد، أخبرنا أبو العباس، قال: قال الربيع وكان في حديثه يعني في حديث الشافعي: جرير : وعاضني من حقي فيه نيفا وثمانين دينارا وكان في حديثه: فقالت فلانة: شهد أبي القادسية وثبت سهمه، ولا أسلمه حتى يعطيني كذا ويعطيني كذا، فأعطاها إياه.
18367 - قال وفي هذا الحديث دلالة إذا أعطى الشافعي: جريرا البجلي عوضا من سهمه، والمرأة عوضا من سهم أبيها، أنه استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه فتركوا حقوقهم منه فجعله وقفا للمسلمين.
18368 - وهذا حلال للإمام لو افتتح أرضا عنوة فأحصى من افتتحها وطابوا أنفسا عن حقوقهم منها أن يجعلها الإمام وقفا وحقوقهم منها الأربعة الأخماس، ويوفي أهل الخمس حقوقهم إلا أن يدع البالغون منهم حقوقهم، فيكون ذلك لهم.
18369 - والحكم في الأرض كالحكم في المال.
18370 - وقد سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن ، وقسم أربعة أخماسها بين الموجفين.
18371 - ثم جاءته وفود هوازن مسلمين، فسألوه أن يمن عليهم بأن يرد عليهم ما أخذ منهم، فخيرهم بين الأموال والسبي، فقالوا: خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا، فنختار أحسابنا [ ص: 330 ] .
18372 - فترك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حقه وحق أهل بيته.
18373 - وسمع بذلك المهاجرون، فتركوا لهم حقوقهم.
18374 - وسمع بذلك الأنصار، فتركوا لهم حقوقهم.
18375 - وبقي قوم من المهاجرين الآخرين والفتحيين فأمر ، فعرف على كل عشرة واحدا، ثم قال: "ائتوني بطيب أنفس من بقي، فمن كره فله علي كذا وكذا من الإبل"، إلى وقت ذكره.
18376 - فجاؤوه بطيب أنفسهم إلا الأقرع بن حابس وعيينة بن بدر، فإنهما أبيا ليعيرا هوازن ، فلم يكرههما رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، حتى كانا هما تركا بعد أن خدع عيينة عن حقه، وسلم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حق من طاب نفسه عن حقه.
18377 - وهذا أولى الأمور بعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندنا في السواد وفتوحه إن كانت عنوة، فهو عندنا كما وصفت ظن عليه دلالة يقين، وإنما منعنا أن نجعله يقينا بالدلالة أن الحديث الذي فيه متناقض، فلا ينبغي أن يكون قسم إلا عن أمر لكبر قدره، ولو تفوت فيه ما انتفى أن يغيب عنه قسمه ثلاث سنين [ ص: 331 ] . عمر
18378 - ولو كان القسم ليس لمن قسم له ما كان لهم منه عوض، ولكان عليهم أن تؤخذ منهم الغلة والله أعلم كيف كان، ولم أجد فيه حديثا يثبت إنما أجدها متناقضة، والذي أولى بعمر عندي الذي وصفت.
18379 - قال حديث أحمد: جرير حديث صحيح، رواه عن إسماعيل بن أبي خالد: عبد الله بن المبارك، وهشيم، ويحيى بن أبي زائدة، وغيرهم، إلا أن بعضهم لم يذكر قصة المرأة وقالوا: ثلاث سنين، وبعضهم قال: سنتين أو ثلاثا، وقالوا: فرده على المسلمين، وأعطاه وعبد السلام بن حرب ثمانين دينارا. عمر
18380 - أنبأني إجازة، أخبرنا أبو عبد الله، أبو الوليد الفقيه، حدثنا حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا زياد بن أيوب، هشيم، عن عن إسماعيل بن أبي خالد، قيس قال: كانت بجيلة ربع الناس يوم القادسية، فجعل لهم رضي الله عنه ربع السواد، فأخذه سنتين أو ثلاثا، فوفد عمر عمار إلى وتبعه عمر جرير، فقال عمر لجرير: "لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما جعل لكم، وإن الناس قد كثروا فأرى أن تردوا عليهم" ففعل جرير فأجازه بثمانين دينارا. عمر
18381 - قال: وحدثنا إسماعيل، أيضا، عن قيس قال: كانت امرأة من بجيلة يقال لها: فقالت أم كرز، لعمر: يا أمير المؤمنين، إن أبي هلك وسهمه ثابت في السواد، وإني لم أسلم، قال لها: "يا إن زمانه قد صنعوا ما قد علمت" قالت: إن كانوا صنعوا ما صنعوا، فإني لست أسلم حتى تحملني على ناقة ذلول وعليها قطيفة حمراء وتملأ كفي ذهبا، ففعل ذلك، فكانت الدنانير نحوا من ثمانين دينارا. أم كرز،
18382 - وذكر في القديم رواية الشافعي شريح، عن هشيم، وفيه من الزيادة: فقال جرير: فأنا ضامن لك بجيلة فأجابته بجيلة إلا امرأة يقال لها: فإنها قالت: مات أبي وسهمه ثابت في السواد ولا أسلم، "فلم يزل بها أم كرز، حتى رضيت، وملأ لها عمر كفها ذهبا" فقالت: رضيت [ ص: 332 ] . عمر
18383 - قال فلم يكن الشافعي: يستطيب أنفس عمر بجيلة ويأخذ من غيرهم بغير طيب نفس لأن بجيلة ومن سواهم سواء.
18384 - قال فالأشبه بما انتهى إلينا من أخبار أحمد: رضي الله عنه في الأراضي المغنومة أنه كان يرى قسمها بين الغانمين كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر خيبر، ثم رأى من المصلحة أن يجعلها وقفا لتكون لمن بعدهم أيضا، وكان يحب أن يكون ذلك برضا الغانمين، فجعل يستطيب قلوبهم.
18385 - وروينا، عن مولى نافع، أنه قال: أصاب الناس فتحا ابن عمر، بالشام وفيهم بلال، وأظنه قال: فكتبوا إلى ومعاذ بن جبل، رضي الله عنه أن هذا الفيء الذي أصبنا ، لك خمسه ولنا ما بقي ليس لأحد منه شيء كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب بخيبر، فكتب إنه ليس كما قلتم، ولكني أقفها للمسلمين، فراجعوه الكتاب وراجعهم، يأبون ويأبى، فلما أبوا قام عمر: فدعا عليهم فقال: "اللهم اكفني عمر بلالا وأصحاب بلال" قال: فما حال الحول حتى ماتوا جميعا.
18386 - قال وقد ذكر أحمد: في القديم حديث الشافعي عن زيد بن الحباب، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن أبيه، أن زيد بن أسلم، بلالا وأصحابه فتحوا فتوحا بالشام فقالوا لعمر: " اقسم بيننا ما غنمنا، فقال: "اللهم أرحني من بلال وأصحابه".
18387 - قال رحمه الله: قوله رضي الله عنه: إنه ليس على ما قلتم، لا يريد: ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمد خيبر [ ص: 333 ] ، وإنما أراد ، والله أعلم، ليست المصلحة فيما قلتم، وإنما المصلحة في أن أقفها للمسلمين وجعل يأبى قسمتها لما كان يرجو من تطيب قلوبهم بذلك، وجعلوا يأبون لما كان لهم من الحق، فلما أبوا لم يقطع عليهم الحكم بإخراجها من أيديهم ووقفها، ولكن دعا عليهم حيث خالفوه فيما رأى من المصلحة، وهم لو وافقوه وافقه أفناء الناس، والله أعلم. عمر
18388 - وقد رأينا أيضا في فتح مصر أنه رأى ذلك ورأى قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام خيبر وقول من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم بعض خيبر وقسم بعضها، وفي ذلك دلالة على أن الإمام في ذلك بالخيار على ما ورد بالسير، فإن الذي لم يقسمه من خيبر هو ما كان صلحا، ولو كان الأمر على ما زعم لكان يحتج به على أصحابه، ولما احتج بقسمه ما قسم منها عمر الزبير بن العوام وبلال ومن طلب القسمة من الصحابة، والله أعلم.
18389 - وقد روينا عن عن النبي صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة، "أيما قرية افتتحها المسلمون عنوة فخمسها لله ورسوله، وبقيتها لمن قاتل عليها".
[ ص: 334 ]