[ 6313 / 1 ] قال: وأخبرنا ثنا أبي، سمعت وهب بن جرير بن حازم، حدثني محمد بن إسحاق، جهم بن أبي جهم، عن - أو عمن حدثه، عن عبد الله بن جعفر قال: "لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت عبد الله بن جعفر - حليمة بنت الحارث في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن الرضعاء بمكة، قالت حليمة: فخرجت في أوائل النسوة على أتان لي قمراء، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى - أحد بني سعد بن بكر ثم أحد بني ناضرة - قد أدمت أتاننا ومعي بالركب شارف، والله ما يبض بقطرة من لبن في سنة شهباء، قد جاع [ ص: 12 ] الناس حتى خلص إليهم الجهد، ومعي ابن لي والله ما ينام ليلة وما أجد في ثديي شيئا أعلله به إلا أنا نرجو الغيث، وكانت لنا غنم فنحن نرجوها، فلما قدمنا مكة فما بقي منا أحد إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهناه، فقلنا: إنه يتيم وإنما تكرم الظئر ويحسن إليها الوالد، فقلنا: ما عسى أن تصنع بنا أمه أو عمه أو جده؟ فكل صواحبي أخذن رضيعا وما أجد شيئا، فلما لم أجد غيره رجعت إليه فأخذته، والله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره فقلت لصاحبي: والله لآخذن هذا اليتيم من بني عبد المطلب فعسى الله أن ينفعنا به، ولا أرجع من بين صواحبي (ولا أجد) شيئا. فقال: فقد أصبت. قالت: فأخذته فأتيت به الرحل، فوالله ما هو إلا أن أتيت به الرحل فأمسيت أقبل ثدياي باللبن حتى أرويته، وأرويت أخاه فقام أبوه إلى شارفنا تلك يلتمسها، فإذا هي حافل فحلبها فأرواني وروي، فقال: يا حليمة، تعلمين والله لقد أصبنا نسمة مباركة، ولقد أعطى الله عليها ما لم نتمن. قالت: فبتنا بخير ليلة شباعا، وكنا لا ننام ليلنا مع صبيتنا، ثم اغتدينا راجعين إلى بلادنا أنا وصواحبي، فركبت أتاني القمراء، فحملته معي، فوالذي نفس حليمة بيده لقطعت بالركب حتى إن النسوة ليقلن: أمسكي علينا، أهذه أتانك التي خرجت عليها؟! فقلت: نعم. فقالوا: إنها كانت أدمت حين أقبلنا فما شأنها؟! قالت: فقلت: والله لقد حملت عليها غلاما مباركا. قالت: فخرجنا فما زال يزيدنا الله في كل يوم خيرا، حتى قدمنا والبلاد سنة، فلقد كان رعاتنا يسرحون، ثم يريحون، فتروح أغنام بني سعد جياعا، وتروح غنمي شباعا بطانا حفلا؛ فنحلب ونشرب، فيقولون: ما شأن غنم الحارث بن عبد العزى وغنم حليمة، تروح شباعا حفلا، وتروح غنمكم جياعا؟! ويلكم اسرحوا حيث تسرح رعاؤهم. فيسرحون معهم، فما تروح إلا جياعا كما كانت، وترجع غنمي كما كانت. قالت: وكان يشب شبابا ما يشبه أحدا من الغلمان، يشب في اليوم شباب الغلام في الشهر، ويشب في الشهر شباب السنة، فلما استكمل سنتين أقدمنا مكة أنا وأبوه فقلنا: والله لا نفارقه أبدا ونحن نستطيع. فلما أتينا أمه قلنا: أي ظئر، والله ما رأينا صبيا قط أعظم بركة منه، وأنا أتخوف عليه وباء مكة وأسقامها، فدعيه نرجع به حتى تبرئي من دائك، فلم نزل بها حتى أذنت، فرجعنا به فأقمنا أشهرا ثلاثة أو أربعة، فبينا هو يلعب خلف البيوت هو وأخوه في بهم له؛ إذ أتى أخوه يشتد، وأنا وأبوه في البيت، فقال: إن أخي القرشي [ ص: 13 ] أتاه رجلان عليهما ثياب بياض فأخذاه فأضجعاه، فشقا بطنه. فخرجت أنا وأبوه نشتد فوجدناه قائما قد انتقع لونه، فلما رآنا أجهش إلينا وبكى قالت: فالتزمته أنا وأبوه فضممناه إلينا، فقلنا: ما لك بأبي أنت وأمي؟ فقال: فقال أبوه: والله ما أرى ابني إلا وقد أصيب، الحقي بأهله فرديه إليهم قبل أن يظهر به ما نتخوف منه. قالت: فاحتملناه فقدمنا به على أمه، فلما رأتنا أنكرت شأننا وقالت: ما رجعكما به قبل أن أسألكماه وقد كنتما حريصين على حبسه؟! فقلنا: لا شيء إلا أن الله قد قضى الرضاعة وسرنا ما تري، وقلنا: نؤديه كما تحبون أحب إلينا. قال: فقالت: إن لكما لشأنا فأخبراني ما هو؟ فلم تدعنا حتى أخبرناها، فقالت: كلا والله، لا يصنع الله ذلك به؛ إن لابني شأنا أفلا أخبركما خبره؟ أتاني رجلان فأضجعاني، فشقا بطني، فصنعا به شيئا، ثم رداه كما هو. - أو قالت: قصور بصرى - ثم وضعته حين وضعته، فوالله ما وقع كما يقع الصبيان، لقد وقع معتمدا بيديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فدعاه عنكما. فقبضته وانطلقنا". إني حملت به، فوالله ما حملت حملا قط كان أخف علي منه ولا أيسر، ثم أريت حين حملته أنه خرج مني نور أضاء منه أعناق الإبل ببصرى
[ 6316 / 2 ] قال : وثنا إسحاق بن راهويه ثنا يحيى بن آدم، ثنا ابن إدريس، ثنا محمد بن إسحاق، جهم بن أبي جهم، عن - أو عمن حدثه، عن عبد الله بن جعفر قال: قالت عبد الله بن جعفر - حليمة بنت الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية: "قدمت في نفر من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة..." فذكر نحوه.
[ 6316 / 3 ] رواه : ثنا أبو يعلى الموصلي مسروق بن المرزبان الكوفي والحسن بن حماد - ونسخته من حديث مسروق - ثنا ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، جهم بن أبي جهم، عن عن عبد الله بن جعفر، حليمة بنت الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بتمامه.
[ 6316 / 4 ] ورواه في صحيحه: ثنا ابن حبان ... فذكره. أبو يعلى الموصلي
[ ص: 14 ]