الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    58 - باب في مرض سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصيته ووفاته وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وغير ذلك مما يذكر

                                                                                                                                                                    [ 6512 / 1 ] قال أحمد بن منيع : شهدت سلمة بن صالح يحدث، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الأشعث بن طليق أنه سمع الحسن العرني يحدث عن مرة، عن ابن مسعود قال: "نعى لنا نبينا وحبيبنا نفسه صلى الله عليه وسلم ونفسي له الفداء - قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة - رضي الله عنها - فنظر إلينا فدمعت عيناه فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بكم حياكم الله، رحمكم الله، آواكم الله، حفظكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، هداكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم، وإني أشهدكم أني لكم نذير مبين، ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده؛ فإن الله - تعالى - قال لي ولكم: ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) وقال: ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) قلنا: [ ص: 132 ]

                                                                                                                                                                    فمتى الأجل؟ قال: قد دنا الأجل، والمنقلب إلى الله، وإلى السدرة المنتهى - أو كما قال: إلى جنة المأوى - إلى الكأس الأوفى، والرفيق الأعلى، والعيش الهني. قلنا: فمن يغسلك؟ قال: رجال من أهل بيتي الأدنى فالأدنى. قلنا: ففيما نكفنك؟ قال: في ثيابي هذه أو في ثياب مصر، أو حلة يمانية. قلنا: فمن يصلي عليك؟ قال: فبكى وبكينا. فقال: مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا، إذا غسلتموني، وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري، ثم اخرجوا عني ساعة فأول من يصلي علي خليلي و(جليسي) جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت وجنوده من الملائكة بأجمعها، ثم ادخلوا علي فوجا فوجا فصلوا علي، وسلموا تسليما، ولا تؤذوني بتزكية ولا صيحة ولا رنة، وليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي، ونساؤهم ثم أنتم بعد، ومن غاب عني من أصحابي فأبلغوه عني السلام، ومن دخل معكم في ديني من إخواني فأبلغوه عني السلام، وإني أشهدكم أني قد سلمت على من يتبعني على ديني من اليوم إلى يوم القيامة. قلنا: فمن يدخل قبرك؟ قال: أهلي مع ملائكة كثيرة يرونكم من حيث لا ترونهم".


                                                                                                                                                                    [ 6512 / 2 ] رواه البزار في مسنده: ثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن ابن الأصبهاني أنه أخبره، عن مرة، عن عبد الله قال: "نعى لنا حبيبنا ونبينا - بأبي هو ونفسي له الفداء - نفسه قبل موته بسنة، فلما دنا الفراق..." فذكره. إلا أنه قال: "ومن دخل معكم في دينكم بعدي فإني أشهدكم أني أقرأ السلام - أحسبه قال: عليه - وعلى كل من تابعني على ديني من يومي هذا إلى يوم القيامة".

                                                                                                                                                                    قال البزار: روي هذا عن مرة، عن عبد الله من غير وجه، والأسانيد عن مرة متقاربة، وعبد الرحمن لم يسمع هذا من مرة إنما أخبره عن مرة، ولا نعلم رواه عن عبد الله غير مرة.

                                                                                                                                                                    [ 6512 / 3 ] ورواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ : ثنا حمزة بن محمد بن العباس [ ص: 133 ] العقبي، ثنا عبد الله بن روح المدائني، ثنا سلام بن سليمان المدائني، ثنا (سلام) بن سليم الطويل، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الحسن العرني، عن الأشعث بن طليق، عن مرة بن شراحيل، عن عبد الله بن مسعود قال: "لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: من يصلي عليك..." فذكر نحوه إلى آخره دون باقيه.

                                                                                                                                                                    وقال الحاكم: عبد الملك بن عبد الرحمن هذا لا أعرفه بعدالة ولا جرح، والباقون كلهم ثقات. قلت: لم ينفرد به عبد الملك بن عبد الرحمن بل تابعه عليه غيره، كما رواه البزار بسند رواته ثقات.

                                                                                                                                                                    وتقدم في آخر كتاب الجنائز.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية