الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 7338 / 1 ] وعن محمد بن كعب القرظي: "أن أهل العراق أصابهم أزمة، فقام بينهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس، أبشروا؛ فوالله إني لأرجو أن لا يمر عليكم إلا اليسير حتى تروا ما يسركم من الرخاء واليسر، قد رأيتني مكثت ثلاثة أيام من الدهر، ما أجد شيئا آكله حتى خشيت أن يقتلني الجوع، فأرسلت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستطعمة لي، فقال: يا بنية، والله ما في البيت طعام يأكله ذو كبد إلا ما ترين - لشيء قليل بين يديه - ولكن ارجعي فسيرزقكم الله.

                                                                                                                                                                    فلما جاءتني فأخبرتني، وانقلبت وذهبت حتى آتي بني قريظة، فإذا يهودي على شفه بئر، قال: يا علي، هل لك أن تسقي لي نخلا وأطعمك؟ قلت: نعم، فبايعته على أن أنزع كل دلو بتمرة، فجعلت أنزع، فكلما نزعت دلوا أعطاني تمرة، حتى إذا امتلأت يدي من التمر قعدت، فأكلت وشربت من الماء، ثم قلت: يا لك بطنا! لقد لقيت اليوم خيرا، ثم نزعت ذلك لابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضعت، ثم انقلبت راجعا حتى إذا كنت ببعض الطريق إذا أنا بدينار ملقى، فلما رأيته وقفت لأنظر إليه وأؤامر نفسي أأخذه أم أذره، فأبت إلا أخذه، وقلت: أستشير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته، فلما جئتها أخبرتها الخبر، قالت: هذا رزق من الله، فانطلق فاشتر لنا دقيقا.

                                                                                                                                                                    فانطلقت حتى جئت السوق، فإذا أنا بيهودي من يهود فدك يبيع دقيقا من دقيق الشعير، فاشتريت منه، فلما اكتلت قال: ما أنت لأبي القاسم؟ قلت: ابن عمي وابنته امرأتي، قال: فأعطاني الدينار [ ص: 459 ] فجئتها فأخبرتها الخبر، فقالت: هذا رزق من الله - عز وجل - فاذهب به فارهنه بثمانية قراريط ذهب في لحم، ففعلت ثم جئتها به، فقطعته لها ونصبت، ثم عجنت وخبزت، ثم صنعنا طعاما وأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءنا، فلما رأى الطعام قال: ما هذا، ألم تأتني آنفا تسألني؟! فقلنا: بلى، اجلس يا رسول الله، تخبر الخبر فإن رأيته طيبا أكلت وأكلنا، فأخبرناه الخبر فقال: هو طيب، فكلوا بسم الله.

                                                                                                                                                                    ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج، فإذا هو بأعرابية تشتد كأنه نزع فؤادها، فقالت: يا رسول الله، إني أبضع معي بدينار فسقط مني، والله ما أدري أين سقط؟ فانظر بأبي وأمي أين يذكر لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعي لي علي بن أبي طالب، فجئته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب إلى الجزار، فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: إن قراريطك علي، فأرسل بالدينار، فأرسل به، فأعطاه الأعرابية فذهبت".


                                                                                                                                                                    رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر .

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية