الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    163 - باب فضل أهل يثرب على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                    فيه حديث أم قيس، وتقدم في آخر الحج، وحديث أبي قتادة، وتقدم في غزوة تبوك.

                                                                                                                                                                    [ 7045 ] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما - " أن النبي صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في الموسم (بمجنة وعكاظ) وفي منازلهم بمنى: من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة؟ فلا يجد أحدا ينصره ولا يؤويه، حتى إن الرجل ليرحل من اليمن - أو من مضر - إلى ذي رحمه، فيأتيه قومه، فيقولون: احذر غلاما من قريش لا يفتننك، ويمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله - تعالى - وهم يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله له من يثرب، فيأتيه الرجل منا فيؤمن به، فيقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبق دار من دور يثرب إلا فيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، حتى بعثنا الله له فائتمرنا واجتمعنا سبعون رجلا منا، فقلنا: حتى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف، فرحنا حتى قدمنا عليه في الموسم، فواعدنا شعب العقبة، قال عمه العباس: يا ابن أخي، إني لا أدري ما هؤلاء القوم الذين جاؤوك، إني ذو معرفة بأهل يثرب.

                                                                                                                                                                    فاجتمعنا عنده من رجل أو رجلين، فلما نظر العباس في وجوهنا قال: هؤلاء قوم لا أعرفهم، هؤلاء أحداث، فقلنا: يا رسول الله، على ما نبايعك؟ قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة.

                                                                                                                                                                    فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعين إلا أنا، فقال: رويدا، يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون عليها إذا مستكم، فقتل خياركم ومفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على [ ص: 353 ] الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله.

                                                                                                                                                                    فقالوا: يا أسعد أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها، فقمنا إليه رجل رجل يأخذ علينا بشرطه العباس ويعطينا على ذلك الجنة".


                                                                                                                                                                    رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر ، وأحمد بن حنبل بإسناد صحيح، وأصحاب السنن الأربعة مختصرا.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية