الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    139 - مناقب أبي ذر الغفاري رضي الله عنه فيها حديث علي بن أبي طالب، وتقدم في باب ما اشترك أبو بكر وغيره فيه من الفضل.

                                                                                                                                                                    [ 6921 / 1 ] وعن القرظي قال: "خرج أبو ذر رضي الله عنه إلى الربذة فأصابه قدره، فأوصاهم: أن غسلوني وكفنوني ثم ضعوني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على غسله ودفنه، ففعلوا، فأقبل عبد الله بن مسعود في ركب من العراق، وقد وضعت الجنازة على قارعة الطريق، فقام إليه غلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبكى عبد الله بن مسعود، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك".

                                                                                                                                                                    رواه إسحاق بن راهويه ، والقرظي ما عرفته، فإن كان هو محمد بن كعب فالحديث منقطع.

                                                                                                                                                                    [ 6921 / 2 ] 2 ورواه الحارث مرسلا: ولفظه عن أبي المثنى المليكي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى أصحابه قال: عويمر حكيم أمتي، وجندب طريد أمتي، يعيش وحده، ويموت وحده، والله وحده يكفيه".

                                                                                                                                                                    [ 6921 / 3 ] وأحمد بن حنبل ولفظه: عن مجاهد، عن إبراهيم - يعني ابن الأشتر - : "أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة، فبكت امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: أبكي أنه لا بد لي بنفسك، وليس عندي ثوب يسع لك كفنا، قال: لا تبكي؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين، قال: فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، فلم يبق منهم غيري، وقد أصبحت بفلاة أموت، فراقبي الطريق، فإنك سوف ترين ما أقول، فإني والله ما كذبت ولا كذبت.

                                                                                                                                                                    قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج؟! قال: راقبي الطريق، قال: فبينا هي كذلك إذا هي بقوم تجر بهم رواحلهم، كأنهم الرخم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها، فقالوا: ما لك؟ قالت: [ ص: 309 ] امرؤ من المسلمين تكفنوه وتؤجروا فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، ووضعوا سياطهم في نحورها يبتدرونه، فقال: أبشروا فأنتم النفر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال، ثم أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن ثوبا من ثيابي يسعني لم أكفن إلا فيه، فأنشدكم الله، لا يكفني رجل منكم كان عريفا أو أميرا أو بريدا، فكل القوم قد نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال: أنا صاحبك، ثوبان في عيبتي من غزل أمي، وأخذ ثوبي هذين اللذين علي.

                                                                                                                                                                    قال: أنت صاحبي فكفني".


                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية